بعيدا عن الديماغوجية علق متتبعون للشأن السياسي ببلادنا على قرار الاتحاد الاشتراكي الخروج إلى المعارضة بأنه «عين العقل». غير أن المعارضة التي يقوم بها الاتحاد الاشتراكي هذه الأيام لا علاقة لها لا بالعقل ولا بالسياسة وشتان بينها وبين المعارضة الحقيقية التي كان يقودها ضد حكومات الملك الراحل قبل المشاركة في حكومة التناوب التوافقي. بعد إثارة الجدل حول لا دستورية الحكومة، ونهاية هذه الأسطوانة التي يبدو أنها ضاعت بين التأويلات المتعددة للنص الدستوري ولم تستطع أن تذهب بعيدا في إحراج الحكومة، استنجد الحزب نهاية الأسبوع الماضي برسالة العدل والاحسان حتى لا يظل «مجال» المعارضة فارغا ونشر مقاطع منها بجريدته واتصل برجال الجماعة ليأخذ تصريحاتهم وإضاءاتهم حول الرسالة وسياقها. الحزب الذي بنى قاعدته من القوات الشعبية والمرجعية الاشتراكية والذي ناضل منذ سنوات من أجل مغرب ديموقراطي ينهي زمن الاستبداد والذي ضحى مناضلوه بحياتهم وعائلاتهم من أجل الكرامة والحرية، يستند اليوم في معارضته للحكومة إلى جماعة لا تؤمن بالديموقراطية والمؤسسات المنبثقة عنها وتعلن ذلك صراحة في رسالتها إلى حركة التوحيد والاصلاح الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الحاكم. يصعب علينا فهم المعارضة التي يمارسها الاتحاد الاشتراكي اليوم، ولربما السبب في ذلك هو أنه استطاع في ظل زمن التطور المعلوماتي الكبير المواكب لقيم الحداثة أن يبتكر معارضة جديدة بوجهين: الأول يشهر قيمه التقدمية والثاني يناصر غير المؤمنين بالديموقراطية. إن المعارضة الحقيقية هي تلك التي تعارض الحكومة وتنتقدها انطلاقا من ملفات معدة بإتقان للدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين وتسيير الشأن العام، وذلك يتطلب جهدا كبيرا وأطرا مسؤولة وواعية بأهمية المرحلة التي تعيشها بلادنا من أجل مراقبة العمل الحكومي ومساءلة الحكومة وتنشيط عمل اللجان النيابية لتقصي الحقائق وليس عن طريق اجترار كلام العدل والاحسان!
بقلم: محمد أبويهدة