الخميس 14 نوفمبر 2024| آخر تحديث 3:43 08/14



الشورى

كانت مصر أيام الاحتلال البريطاني منبر العالم الإسلامي, فهي بذلك وجهة من يريد أن يعلم عن الإسلام بنفس حال الكعبة لمن يريد الحج أو الصلاة. وفي استمرار هذا الوضع التاريخي كان لابد للاحتلال من الإقدام على أحد علاجين لا ثالث لهما:
1.القطع بين الأزهر و الأمة.
2.التسلل إلى مركز القيادات في الأزهر لتوجيه قيادته الوجهة التي ترضي الاحتلال.
لم تتردد بريطانيا في اختيار العلاج الثاني لكونه أقرب منالا وأبعد عن الملاحظة ، ولهذا تم التركيز على نقطة ضعف أليمة كانت ولا تزال تعاني منها مشاعر الأمة الإسلامية ، وهي إحساس المسلمين بما انتابهم من الضيعة و التخلف إلى جانب ملاحظتهم للنهضة العجيبة التي حققها الغرب في جميع المجالات.من هذا السبيل تسلل الهمس الذي مؤداه أن الغرب لم يتحرر إلا بعد تجرده من الدين.
لقيت هذه الدعوة قبولا ممن تأثروا بالمعالم المادية الجوفاء للحضارة الغربية، و لمحاربة هذا الدين المزعج سالت أقلام المستشرقين و تابعيهم من العرب ك حسين هيكل و محمد فريد وجدي و ها نحن نشهد أقلاما تسلك نفس الدرب و ذلك بالطعن في مبادئ الإسلام كمبدأ الشورى.
في تقديري المتواضع يكاد مفهوم الشورى أن يكون مطابقا لمفهوم الديمقراطية من حيث إن كلا منهما يتأسس على مبدأ الأخذ برأي الآخر دون الاستفراد في اتخاذ القرار ، ففي القرآن الكريم يقول عز و جل:”و شاورهم في الأمر”فللإسلام ادن قصب السبق في وضع هذه المبادئ الحضارية وهو ما ألزم الغرب على تغيير هذا المفهوم حتى لا تتأكد قوة التشريع الإسلامي.
إن تطور المجتمعات فكريا، اقتصاديا، تنظيميا … يقتضي تطور آليات المفاهيم، فالقول بعدمية جدوى الشورى لعدم وجود هيئات منتخبة في الزمن الذهبي للإسلام عكس ما هو معمول به في مرجعيات الديمقراطية الحالية, هو كقولنا بعدم وجود السيارة في ذلك الزمن ، إن تطور الزمان يفرض تطور الآليات دون التنكر للأصول، فعدم وجود آليات الشورى في القرآن دليل على أن هذا الدين متجدد في جانب العلاقات الإنسانية.
كان زمن الرسول صلى الله عليه وسلم الزمن التطبيقي للشورى فهو النموذج بامتياز.فرغم كونه نبيا وموحى إليه و رغم ذلك الاحترام الذي يحظى به لدى أصحابه الكرام فهو لا يتوانى في الأخذ برأيهم. فمبدأ الشورى ثابت.
إذا أزعجت الشورى مفكرينا إلى هذا الحد فلندعها ولنعمل بهذه الديمقراطية التي تفرزها صناديق مغشوشة و لنصفق لهذه الهيئات المنتخبة من طرف شعب أمي بكل المواصفات.
لندع حالنا جانبا و لننظر حال الديمقراطية عند الغرب المتطور: إنها ديمقراطية متعصبة لأهل الدار و ما دونهم فمصيره الاعتقال فالتعذيب انتهاء بالإبادة .لننظر للديمقراطية التي مورست على: الهنود الحمر ، سكان التبت، سود أمريكا، العراق،المستعمرات الأوروبية …
إن التغني بالمفاهيم الغربية المتعصبة في مقابل الطعن في الأصول الإسلامية  لن يحقق لنا التقدم المنشود،فلن تكون عند الغرب المتعصب  ديمقراطيا فقط لأنك عربي..

 

الحسين بو الصابون
أستاذ التعليم الابتدائي
الاخصاص – تيزنيت