الأحد 27 أكتوبر 2024| آخر تحديث 2:51 02/18



سبع الليل : شكرا السي عبد الجبار القسطلاني

سبع الليل : شكرا السي عبد الجبار القسطلاني

السيد عبد الجبار القسطلاني مستشار السيد وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، اسمحوا لي أن أوجه لكم هذه الرسالة المفتوحة للتعبير لكم عن تشكراتي الصادقة وإعجابي الكبير بطريقة ممارستكم للسياسة راجيا من الله تعالى أن يعينكم ويوفقكم في مساعيكم وأن ينعم علينا في منطقة سيدي إفني وآيت باعمران برجل مثلكم، يفهم السياسة كما تفهمونها ويمارسها كما تمارسونها.

لقد كان لكم الوقع الكبير في إعادة تشكيل العديد من قناعاتي السابقة، ومن واجبي أن أشكركم بالشكل الذي ترون، مؤكدا لكم أنه لم تكن-لا في الماضي ولا الحاضر- بيني وبينكم عداوة شخصية، رغم كل الخلافات التي كانت بيننا والتي كانت تدور حول فهمي للعمل وللممارسة السياسية وفهمكم وممارستكم لها. لذلك أرجو أن تعتبروا ما سأقوله اليوم بشكل أقرب إلى الثناء منه إلى العتاب وهو أيضا وأساسا دعوة صريحة لبعض السذج المغفلين لاقتفاء أثركم والعمل وفق نهجكم.

مناسبة الرسالة – كما لا يخفى على أحد- هو تصريحكم لوسائل الإعلام خلال اجتماع عقد بمقر عمالة تيزنيت يوم 09 فبراير الماضي والمتعلق بإعطاء انطلاقة أشغال دراسة إنجاز ميناء سيدي بوالفضايل بتراب جماعة أربعاء الساحل التابعة لإقليم تيزنيت. غير أني لن أركب موجة التباكي على ميناء سيدي إفني الذي تعرفون قصته عزّ المعرفة، بل سأثمن جهودكم في إطار ما أسميتموه بالعدالة المجالية التي تقتضي حسب تقديركم أن لكل جهة الحق فيما يضمن لها شروط التنافسية وشروط ضمان العيش الكريم لمواطنيها.

طبعا، لن أخوض كثيرا في مناقشة قصور هذا التصور للعدالة بناء على مبدأ آخر لا تنسجم العدالة المجالية إلا باستحضاره ألا وهو استحضار خصوصيات الجهات ومجمل إمكانياتها القبلية ومداخيلها والتكامل الممكن فيما بينها والتساؤل حول إمكانية التنافس بين الجهات في ضل واقع معلوم بالضرورة، يقوم على أن هناك جهات ومناطق قد تم تهميشها بشكل كبير منذ عدة عقود وبعض هذه المناطق لا تملك سوى ميناء صغير قرّرت إرادة ما أن لا يتجاوز حجمه الذي ترون مهما حدث.

موضوع رسالتي اليوم موضوع آخر يهم ممارسة السياسة عند التيار الذي تمثلونه الذي يعتقد جمع كبير من أبنائه أن السياسة هي “فعل من أجل الله”، يعمل العامل فيها وفق ما يعتقد أنه يقربه إلى الله ولا ينتظر أي جزاء دنيوي كيف ما كان. والهدف ليس التشهير بكم – كما قد يخال البعض- وإنما دعوة بعض مناضلي حزبكم في سيدي إفني وآيت باعمران أن يتعلموا مفاهيم السياسة منكم ويمارسوها بشروطها وأن يقطعوا مع زمن الغفلة وأن يفهموا أن السياسة سياسة تمارس بأساليبها القديمة والحديثة والتي لا تختلف كثيرا إلا في بعض التفاصيل.

لا ينزعج من إعلانكم اليوم لانطلاق أشغال إنجاز ميناء بوالفضايل سوى مغفّل لا يفهم معنى السياسة، لأنكم في الأصل ابن تيزنيت البار، فهنيئا لتزنيت بكم وبأمثالكم، لقد دافعتم عن مصالحها عندما كنتم برلمانيا عنها في المعارضة واليوم كذلك من داخل وزارة التجهيز. وأكدتم لدي قناعة أنه لن يرقى بالمدن والقرى سوى أبنائها البررة إذا ما فهموا شروط اللعبة وأدركوا أن عليهم الاستماتة في الدفاع عن مدنهم وعن قراهم في أي موقع كانوا وأن الأحزاب هي وسائل بشرية أبدعها الناس لخدمة المدن والقرى أساسا، وليست لنصرة الله سبحانه وتعالى، فهو ليس بحاجة لشخص أو لكيان ينصره حزبا كان أو دولة.

منذ عدة سنوات عندما كنت أشارككم الانتماء السياسي، كنت أرى كيف أن نهجكم يقوم على الحسابات و”التكتيك” وهو ما كنت أستهجنه في تلك الفترة لأني كنت كذلك مخدوعا بخطاب السياسة المغلف بالدين. عندما نشب خلاف بيننا سنة 2002 على رأس لائحة الانتخابات البرلمانية، كنّا بمعية بعض الإخوة نُصرّ على أن يكون الوضوح والتزام القانون والشفافية في التعاطي مع الإشكاليات، لذلك قضينا الساعات الطوال ندبّج الطعون القانونية وفق المساطر المعدة آنذاك في الوقت الذي كنتم فيه تعدون تحالفات مركزية تضمن لكم أن القرارات المتخذة تكون لصالحكم.

لذلك وفي الأيام الموالية، كثّف أعضاء الكتابة الإقليمية الموالون لكم آنذاك الاتصالات من أجل خطاب ظاهره إبداء الأسف على ما حصل وباطنه الرغبة في معرفة الخطوات التي سنقوم بها. وأذكر كيف اتصل بي أحد تلاميذكم النجباء يسألني عما نعتزم القيام به وما كان مني سوى أن أطلعته على كل الخطوات التي سنقوم بها، ربما من باب الشفافية أو الثقة العمياء أو من باب الغباء والسذاجة أو كلها مجتمعة. وحدث أن طلب مني أن أسلّمه نسخة من الطعون والرسائل التي نعتزم توجيهها للأمانة العامة آنذاك مدعيا أنه سيقوم – من جهته- بما يستطيع القيام به من أجل إنصافنا. الحقيقة هي أنكم كنتم تستعدّون للموقف وتوجهون الأمانة العامة لا تخاذ القرارات التي تناسبكم وتبنون التحالفات وتعدّون الخطط من أجل ذلك.

أسابيع بعد القرارات الصادرة عن الأمانة العامة للحزب تشاء الأقدار أن نناقش الأستاذ أبو زيد الإدريسي خلال زيارة له لسيدي إفني حول حيثيات قرارات الحزب فيقّر الرجل أن اتخاذ القرارات داخل الأمانة العامة، يخضع لآليات تتدخل فيها الإعدادات و التوجيهات القبلية والمعرفة الدقيقة بالملفات والتكتلات وهي أمور لا تتسنى لكافة الأعضاء خاصة أولئك البعيدين عن مناطق الخلافات.

عندما كنتم برلمانيا على إقليم تيزنيت، كنتم تدافعون ضمن مهامكم عن سيدي إفني كذلك والشهادة لله، كنتم توجهون أسئلة كثيرة حول المنطقة بصرف النظر عن نتائجها الملموسة، بحكم فهمكم لمعنى تقديم الحساب للناخبين المحليين الذين منحوكم أصواتهم ورغبة في الاحتفاظ بأصواتهم للولايات القادمة وهو حق مشروع. لكنكم اليوم أبدعتم في الدفاع عن إقليمكم تيزنيت رغم أنكم لا توجدون في موقع المسؤولية مباشرة، لذلك صدقوني لو كنت ابن تيزنيت لما صوّتت بمناسبة الانتخابات البرلمانية المقبلة إلا لكم ولمنحتكم صوتي دون تردد لأنكم تجسدون الفعل السياسي العقلاني البعيد عن الطوباوية والذي يقضي بالتخطيط البعيد المدى من أجل الوصول للنتائج، الاستماتة من داخل المؤسسات ومن أي موقع من أجل الدفاع عن منطقتكم وجلب المصالح الملموسة لها والسعي الحثيث لاستحقاق ثقة الناخبين كما تقتضي الأعراف الديمقراطية. لن يزعم أحد أنكم متعصبون لمنطقتكم ولا ينبغي له، كل ما في الأمر أنكم تسخّرون موقعكم الحزبي لخدمة منطقتكم وفق فهم عقلاني للممارسة السياسية فهنيئا لكم.

لم يسقط من حسابكم – بالتأكيد- أن ميناء كبير على بعد كيلومترات قليلة من سيدي إفني يعني النهاية الحتمية لطموح ميناء حيوي وفاعل بسيدي إفني، ومع كل ذلك، فأنتم لا تلامون في دفاعكم المستميث على إقليمكم، بل بالعكس تشكرون لأنكم تقدمون للسذّج المخدّرين بجرعة زائدة من مفاهيم دينية لم يكن لها وجود سوى في مخيلاتهم، أن بينهم وبين فهم السياسة وفنونها ما بين السماء والأرض وأن فعلهم للسياسة هو فعل المفعول به لا الفاعل. ونسائلهم بالمناسبة والمناسبة شرط – كما يقال- ما كان دوركم وأنتم أعضاء أغلبية جهة كلميم وادنون في إعداد المخطط التنموي الذي تلاه رئيس الجهة السيد عبد الرحيم بوعيدة أمام الملك؟ هل ساهمتهم كأعضاء للأغلبية في بلورة هذا المشروع التنموي وكيف تفسرون ضعف نسبة المشاريع المخصصة لإقليم سيدي إفني عموما؟

إبراهيم سبع الليل- كنـــدا







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.