تنمية ميناء سيدي إفني …
هل تستمر النوايا بدون إنجازات ؟
بقلم عبد الله القصطلني
شكل الفشل في تنمية ميناء سيدي إفني سانتاكروز دي مار بيكينيا (المستعمرة الاسبانية سابقا)؛ أحد العوامل التي أشعلت شرارة احتجاجات شباب المنطقة، باعتبار الميناء صلة وصل للقطب الاقتصادي والتجاري للملاحة البحرية، والرابط بين ميناء طانطان وميناء أكادير، وهو ما لم يتحقق رغم النوايا التي رفعت طيلة العقود الماضية، فما هي قصة هذه النوايا المعلقة. بداية لم يجد مطلب تأهيل ميناء سيدي إفني آذانا صاغية مند استرجاع المنطقة من الاحتلال الاسباني سنة ,1969 بل إنه بمجرد خروج القوات الإسبانية تقلصت حركة المبادلات التجارية، وشكل ذلك مؤشرا عن وجود مشكل عميق بقى المحور في مطالب قبائل أيت باعمران؛ التي انتقلت من المقاومة بعد التحرير للمشاركة في تأهيل المنطقة، ولم يفكر في هذا المطلب إلا بعد مرور 15 سنة من استرجاع المنطقة، حيث تم إدراج مشروع المركب المينائي ضمن المخطط الخماسي 1981 – 1985 ، ولكن بصيغة لا تدعو إلى التفاؤل، بسبب رهن الحكومة، آنذاك، تنفيذ هذا المشروع بتوفير التمويلات الخارجية، على الرغم من مصادقة البرلمان عليه. والملاحظ أن تنفيذ المشروع كان يسير ببطء بشهادة المشرفين عليه، والسبب في نظرهم بشكل أساسي يعود إلى ضعف الاعتمادات المخصصة له، مع العلم أن الحكومات المتعاقبة تقوم بتقليص الاعتمادات المعلن عنها أصلا، والتي كانت ترصد للمشروع سنة بعد أخرى، فضلا عن التشكيك في جدوى إنشاء هذا الميناء والتساؤل عن مدى أهمية مخزون شواطئ المنطقة، على الرغم من وجود دراسة جدوى كشفت أن المركب المينائي سيمكن من جلب واستقرار أسطول بواخر الصيد، بالإضافة إلى إحداث وحدات صناعية لتصبير السمك، مما سيوفر فرصا للشغل لساكنة المنطقة قدرت بحوالي 5000 منصب، وقاطرة اقتصادية لإقليم تيزنيت. لقد كانت الخطوات الأولى لتهيئة ميناء سيدي إفني تتضمن إقامة 1000 متر من الحواجز، و100 متر من الأرصفة عن عمق 4 أمتار، و 200 متر من الجسور العائمة، وحوض ترميم السفن بالإضافة إلى أراضي مسطحة، بحيث يكون الميناء في شطره النهائي، وفق المخطط الرسمي، قادرا على استقبال 100 ألف طن من السمك، و100 ألف طن من البضائع سنويا، لكن برز مشكل بنيوي كبير، تمثل في مشكل الترمل بمدخل الميناء وحوضه الأساسي، الشيء الذي يمنع البواخر ومراكب الصيد من الدخول الطبيعي للمرفأ، وأدى إلى غرق العديد من الضحايا بمدخل الميناء، ورغم ذلك لم يقع التقدم نحو حل المشكل، وبالتالي بقي مشروع الميناء متوقفا من الناحية العملية، ودون قدرة على التطوروالامتداد، لاسيما مع تخوف المستثمرين من وضع استثمارات غير واعدة على مستوى المردودية، وتجمدت بالتالي جهود إنشاء وتأهيل الوحدات الصناعية، على الرغم من تفويت المجلس البلدي لأراضي بأثمنة رمزية؛ قصد إنشاء الوحدات الصناعية المذكورة، ذلك أن الدراسات التقنية التي أشرفت عليها مصالح وزارة الصيد البحري والملاحة التجارية لم تكن مقنعة للمستثمرين، مما أدى إلى انسحاب 17 شركة من أصل 38 شركة، أبدت استعدادها عقب انطلاق المشروع، قامت 21 شركة منها بدفع تسبيقات لإنجاز الدراسات الخاصة بالحي الصناعي لمدينة سيدي إفني، إلا أن التقليص من الميزانية المرصودة للمشروع عجل بانسحاب المستثمرين؛ الذين رأوا في الاستثمار في المنطقة مغامرة غير مأمونة، وكجواب على ذلك تم رصد40 مليار سنتيم له. مع التسعينيات ستبرز مشكلة أخرى، حيث سيتم تقليص الميزانية في سنة 1992 إلى25 مليار سنتيم، على أساس برمجة تنفيذه في سنة 1993 ، ثم يعلن بعدها وزير الأشغال العمومية والتكوين المهني وتكوين الأطر، بتاريخ 21 دجنبر 1994 في مراسلة لرئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير؛ بأن الأشغال المتعلقة بالشطر الثاني لن تنتهي إلا في غضون سنة ,1997 وبتكلفة مالية قدرها 15 مليار سنتيم، أي ما يمثل60 بالمائة مما أعلن عنه سنة ,1992 ليتم تدشينه في سنة 2000 ضمن زيارة ملكية للمنطقة، إلا أن الحصيلة بعد مرور 8 سنوات على تدشين الميناء كانت مخيبة، أقلها أن الوحدات الصناعية لم تنطلق، وبقى مشكل تراكم الرمال قائما بمدخل الميناء، رغم ما خصص له ضمن الميزانية العامة للدولة لسنة ,2003 حيث تم حذف الاعتماد في اللحظات الأخيرة، مما ترتب عنه المماطلة. إن مأساة ميناء سيدي إفني ليست سوى وجها واحدا من أوجه متعددة لمأساة أكبر هي مأساة التهميش الذي تراكم طيلة عقود، ولا يمكن حله بدون القدرة على تغيير جذري في منطق تدبير مشاريع المنطقة، وعلى رأسها الميناء وقد كتبت مقالا في جريدة التجديد بتاريخ 24/9/2009 تحدث فيه عن تحديات أول عامل سيعين على الاقليم الفتي والمنحذر منن الاقاليم الصحراوية واستطردت قائلا (سيشرف أول عامل يحل بإفني على الشروع في تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار المخطط التنموي للمنطقة وعلى رأس هذه المشاريع تأهيل ميناء سيدي إفني وجلب الاستثمارات لخلق وحدات صناعية بالقرب من الميناء قصد خلق فرص للشغل لشباب المنطقة. ورجحت بعض الأوساط من سيدي إفني أن يكون من بين الأشخاص المقترحين لتسيير شؤون العمالة الجديدة أحد أطر وزارة الداخلية المنحدر من المنطقة والذي له نفوذ وعلاقات مع القبائل الصحراوية وأعيان البعمرانيين خاصة أنه قد سبق أن عمل بمدينة العيون حيث تواجد الباعمرانيين بكثرة ، وفي اتصال للتجديد بأحد الفاعلين المتتبعين للشأن المحلي بالمنطقة صرح للتجديد بأن التحدي سيكون كبيرا أمام المسؤول الجديد ومن الضروري أن يعمل على تفادي ما من شأنه أن يشكل أو يقود إلى توتر جديد ) إ.هـ وواقع الامر أن الاشغال جارية على قدم وساق والجهود تبدل لكن ماذا تحقق بعد التوقيع أمام أنظار جلالة الملك على مخطط التنمية بالاقليم ؟ هذا ما سيظهر من خلال إنجازات المجلس البلدي والاقليمي .
——————————
عبد الله القسطلاني
استاذ
مراسل جريدة التجديد بتيزنيت