“تناست” هذه الطاسة النحاسية التي ظلت صامدة لقرون من الزمن في أحضان واحات طاطا منذ العهد الروماني كما قال عنها العلامة محمد مختار السوسي في كتابه المعسول أنها رومانية الأصل وأحد بقايا الآثار الرومانية عند السوسيين .وتوارثها الخلف عن السلف لتشكل بذلك كنزا تراثيا وحضاريا للمنطقة
.وكلمة تناست ” جاءت من كلمة أناس باللغة الأمازيغية أي النحاس وهو أصل اشتقاقها ، وهي عبارة عن طاسة مصنوعة من النحاس على شكل نصف كرة يتوسطها ثقب صغير جدا و يوجد في قعرها قطعة نحاسية يخترقها نفس الثقب، يسمح هذا الأخير بتسرب المياه ببطء داخل ” تناست” التي تكون مقسم من الداخل إلى أربعة أجزاء تفصل بينها ثلاثة تدريجات ، الجزء الأول يمثل الربع ، الثاني منها يمثل النصف ويدعى عند أهل تناست (أزكن) و الثالث هو الربع الأخير من الطاسة و كل جزء من الأجزاء الأربعة مقسم إلى 15 حبة، ولا يتم تحديد هذه الأجزاء أو تسطيرها داخل تناست لتبدو واضحة لكن يتم إدراكها عند أصحابها بالحدس وكذلك معرفة المستوى الذي يبلغه الماء في الطاسة و توضع “تناست ” الطاسة في إناء مملوء بمياه صافية و نقية، إذ يكون لهذا الأخير غطاء من القصدير يتدلى من جزئه العلوي خيط محكم الربط و سميك. و منطقة أفرا بطاطا تنفرد عن باقي المناطق الأخرى في وضع هذا الغطاء (مكب أو طيفور) والطاسة بهذه المنطقة يتدلى منه خيط لضبط عدد النوبات التي مرت وذلك بوضع عقد في هذا الخيط لحساب عدد الطاسات المستعملة. و يشرف على مراقبتها أحد أعضاء ” لجماعت نتناست ” و يطلق عليه ” أكلاس” .أما المدة الزمنية لتناست أو الطاسة الواحدة فتقدر ب 45 دقيقة، و تختلف هذه المدة حسب المناطق فهي تساوي 4 دقائق في آكلو، 12 دقيقة بإفران الأطلس الصغير وكذلك منطقة أفرا بطاطا .وإذا كانت تناست هذه الطاسة التي استطاع بها الإنسان الطاطاوي منذ القدم ضبط توزيع المياه التي حب الله سبحانه وتعالى بها منطقة طاطا بشكل دقيق لتفادي النزاع لأحياء ألآلف من أشجار النخيل فإن الأمر جد خطير اليوم بالنسبة لهذه الثروة التي خلفها لنا الأجداد للمحافظة عليها .أصبح مائلها الموت بسبب اللامبالاة الساكنة وسواء التدبير لهذه النعمة التي حبا الله بها منطقة فالجميع مسؤولون بالحفاظ علي هذا الكنز الثمن كنظام من الأنظمة العرفي لتوزيع مياه العيون بالواحات في طاطا.
الحسين منصور طاطا