الجمعة 22 نوفمبر 2024| آخر تحديث 12:35 09/18



مصطفى الخلفي : “إدماج اللغة الأمازيغية في قنوات السمعي البصري العمومي تفعيلا للفصل الخامس من الدستور”

مصطفى الخلفي : “إدماج اللغة الأمازيغية في قنوات السمعي البصري العمومي تفعيلا للفصل الخامس من الدستور”

images (1)

نص الفصل الخامس من الدستور على أنه “تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء…”، و على أنه “يُحدَث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية”. لقد شكلت اللحظة الدستورية الجديدة، التي توجت مسارا إصلاحيا عميقا انخرط فيه المغرب منذ سنوات عدة، محطة جديدة بخصوص تثمين و تنمية الرصيد اللغوي ببلادنا بمختلف مكوناته وبالأخص اللغة الأمازيغية التي فتح الدستور الجديد المجال أمام  ترسيمها.
إن المراجعة الدستورية الأخيرة لم تخلق أو تكتشف وضعا جديدا، بل إنها قامت بإقرار لواقع ملموس في الحياة العامة، على اعتبار أن اللغة الأمازيغية تشكل رصيدا مشتركا بمنطوق المادة الدستورية، كان و لا زال جزءا لا يتجزأ من الثقافة والهوية المغربيتين الغنيتين والمتعددة الروافد. لكن ومع ذلك فإن الإقرار باللغة الأمازيغية دستوريا يعني مأسسة هذا الواقع الثقافي العريق وإعطائه كل الإمكانيات والضمانات الضرورية للتطور والارتقاء. على هذا الأساس، وتفعيلا لهذا المقتضى الدستوري، أولت الحكومة عناية خاصة للمعطى الأمازيغي بالشكل الذي يواكب تطلعات المغاربة.

ففي مجال التعليم، على سبيل المثال، اتخذت الحكومة إجراءات تهدف إلى تسريع وتيرة تدريس اللغة الأمازيغية من أجل تحقيق هدف مليون مستفيد خلال السنة الدراسية 2012/2013. كما تعمل الحكومة على خلق مناصب الشغل لفائدة الأساتذة والمؤطرين، وتشجيع وتقوية مسالك الدراسات الأمازيغية بالجامعات، وتوفير شروط التكوين وتكثيف التكوينات الأساسية والمستمرة وخلق بنيات إدارية مكلفة بتدبير تدريس اللغة الأمازيغية. أما على مستوى الثقافي،  فإن الحكومة تعمل من خلال وزارة الثقافة، على تشجيع ومواكبة المبدعين في مختلف مجالات الكتابة والتأليف باللغة الأمازيغية وكذا الفنانين وتطوير كل السبل الكفيلة بتثمين الموروث الثقافي الأمازيغي وإبرازه، على سبيل المثال لا الحصر.
ومن بين أهم مداخل تعزيز ملف ترسيم اللغة الأمازيغية، يحتل الإعلام العمومي السمعي البصري مرتبة متقدمة لإرتباطه بشكل وثيق بتثمين وتنمية اللغة والثقافة الأمازيغيتين. من هنا جاءت مقاربة الوزارة الوصية على قطاع الإعلام والاتصال لتعمل من خلال دفاتر تحملات الإعلام العمومي السمعي البصري الجديدة على بلوغ هدف الإدماج الحقيقي للغة الأمازيغية مدخل رئيسيا لترسيمها، وفق مقتضيات الفصل الخامس من الدستور الجديد للمملكة.
I-  الاعتناء بالأمازيغية لغة وثقافة من خلال دفاتر التحملات الجديدة : المقاربة المعتمدة والأهداف المؤطرة
في إطار إعداد دفاتر التحملات الجديدة اعتمدت وزارة الاتصال مقاربة توخت الإشراك الفعلي والفعال للفاعلين الأمازيغ في هذه العملية من أجل النهوض باللغة و الثقافة الأمازيغيتين (1) . كما أن دفاتر التحملات الجديدة تستهدف العناية باللغة الأمازيغية من خلال وضع أهداف عامة وقواعد مؤطرة للخدمة العمومية بخصوصها (2).
1-    مقاربة إعداد و تنزيل دفاتر التحملات الجديدة بخصوص الأمازيغية :
اعتمدت وزارة الاتصال المقاربة التشاركية في مباشرة جميع المشاريع الإصلاحية التي تهم النهوض بقطاع الإعلام والاتصال ببلادنا. ولم يشكل إعداد دفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد القناة الثانية الاستثناء بالنسبة لهذه القاعدة، على اعتبار أنه خلال الشهرين الأولين من الولاية الحكومية الحالية، عقدت وزارة الاتصال اجتماعات مع العديد من الفعاليات من المجتمع المدني وتوصلت بأكثر من 35 مذكرة تتضمن اقتراحات بخصوص إعداد الدفاتر الجديدة. وقد برز خلال هذه المرحلة الدور الذي لعبته الفعاليات الأمازيغية من خلال تقديم مقترحات بناءة ووجيهة تروم النهوض بالثقافة واللغة الأمازيغيتين في الإعلام السمعي البصري العمومي. فبعد الزيارة الذي قمنا بها شهر يناير 2012 لمقر قناة «تمازيغت» والاجتماع بمسؤوليها والعاملين فيها والتي أتت مباشرة بعد الزيارة التي قمنا بها لمقر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بدأ العمل على إدراج مقترحات الفعاليات الأمازيغية سواء منها الفردية أو الجمعوية. وينبغي التذكير هنا بأن كل هذه الفعاليات قد نوهت غير ما مرة بهذه المقاربة التشاركية وبإدراج جل مقترحاتها بالوثائق الجديدة، سواء منها المتعلقة بمضاعفة ساعات البث بقناة تمازيغت أو بتعزيز حضور الأمازيغية بمختلف قنوات السمعي البصري العمومي أو بتشجيع الإبداع  والمبدعين الأمازيغيين وما إلى ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، وسعيا منها إلى التنزيل الأمثل للإجراءات الطموحة التي جاءت بها دفاتر التحملات الجديدة، ارتأت وزارة الاتصال عقد عدة شراكات مع كل من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومع المسؤولين العموميين إضافة إلى الشراكة المرتقبة مع الجمعية المغربية للمنتجين والمبدعين بالأمازيغية. ويأتي كل هذا في إطار العمل التشاركي بغية تحقيق الأهداف المتوخاة  والتي تروم تعزيز حضور وتثمين وتنمية اللغة و الثقافة الأمازيغيتين.
بالإضافة إلى المقاربة المتعلقة بالإعداد، فإن الوزارة الوصية واعية أشد الوعي بالدور المنوط بالموارد البشرية من أجل تنزيل المقتضيات الجديدة. وبالتالي فإن من بين  الأوراش المهيكلة التي تشتغل عليها وزارة الاتصال، هناك ورش تكوين هذه الموارد وتأهيلها والنهوض بأوضاعها المهنية والاجتماعية. حيث أن هذه الأخيرة هي الوحيدة القادرة على إعطاء الصورة النموذجية التي يرتقبها الجميع سواء بالنسبة لقناة تمازيغت أو الإذاعة الأمازيغية أو باقي قنوات السمعي البصري العمومي بخصوص هذا المجال الحيوي. وبالتالي فإن هناك تفكيرا من أجل توفير برنامج متكامل للتكوين المستمر في أفق السنة المقبلة بتنسيق مع معاهد التكوين المتخصصة والهيآت المعنية.
2-    الأهداف العامة و القواعد المؤطرة للخدمة العمومية فيما يخص الأمازيغية :
إن إدماج الأمازيغية بالقنوات العمومية، وفق الفلسفة الجديدة المؤسسة لدفاتر التحملات، ليست غاية في حد ذاتها، بل إنها مؤطرة بقواعد واضحة و تبتغي بلوغ أهداف محددة. أما في ما يتعلق بالأهداف العامة للخدمة العمومية للاتصال السمعي البصري بخصوص الأمازيغية، فتنص دفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد القناة الثانية على أن هذه الخدمة تهدف إلى “تعزيز مقومات الهوية الوطنية الموحدة التي تنصهر فيها كل المكونات العربية-الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية الغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية…”، وذلك وفق ما يقر به الدستور. أي أن الهدف ليس هو خلق تمييز معين يفضي إلى تكريس قاعدة الغيتو. وبما أن الدستور يكرس قاعدة كون الأمازيغية رصيدا مشتركا لكافة المغاربة، فإن الفلسفة الجديدة تقتضي توجيه الخدمات التلفزية والإذاعية التي تقدمها شركات السمعي البصري العمومي لكافة المغاربة سواء منهم الناطقين أو غير الناطقين بالأمازيغية.
كما تهدف هذه الخدمة العمومية أيضا إلى “حماية وتقوية اللغتين الوطنيتين الرسميتين العربية والأمازيغية واللسان الصحراوي الحساني ومختلف التعبيرات اللسانية والثقافية المغربية، والمساهمة في تفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية في المجال السمعي البصري…”.
أما بخصوص القواعد العامة المؤطرة للخدمة العمومية للاتصال السمعي البصري، فإن دفاتر التحملات الجديدة تنص على “مراعاة سلامة اللغة الأمازيغية، وفق نحو ومعجم اللغة الأمازيغية المعيار، من حيث ضبط التركيب والمعجم والاشتقاق ومخارج الحروف وإملاء الخط ونطق الأسماء، واعتماد حرف “التيفيناغ”، واعتماد التدقيق اللغوي في كل ما يتم بثه بالأمازيغية”. وتبرم الشركات لهذه الغاية، “تحت إشراف السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال، اتفاقية مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تحدث بموجبها لجنة لغوية مشتركة تعنى بتتبع سلامة الاستعمال اللغوي في البرامج الأمازيغية”.  وبالتالي ووفق ما تمت الإشارة إليه سابقا، يبرز دور الإعلام العمومي ليس فقط في إدماج اللغة والثقافة الأمازيغيتين، بل أيضا في العناية بهذه اللغة  من خلال احترام قواعدها السليمة وذلك باعتماد التدقيق اللغوي، على سبيل المثال.

II- نحو إدماج حقيقي للغة الأمازيغية بالإعلام السمعي البصري العمومي
إن المقاربة المعتمدة في إعداد دفاتر التحملات الجديدة لا تبتغي فقط تعزيز دور الإعلام المخصص للثقافة واللغة الأمازيغيتين من خلال القناة الثامنة “تمازيغت” أو الإذاعة الأمازيغية، بل إنها تصب في خانة الإدماج الحقيقي والفعال للأمازيغية بمجموع قنوات وإذاعات الإعلام العمومي وذلك بغرض الحيلولة دون التعاطي معها بمنطق الغيتو.
1-  تعزيز دور قناة “تمازيغت” والإذاعة الأمازيغية  بغرض تثمين وتنمية اللغة والثقافة الأمازيغيتين
من أبرز ما يميز دفاتر التحملات الجديدة الخاصة بالإعلام العمومي السمعي البصري هو المكانة الخاصة التي أولتها للنهوض بالثقافة واللغة الأمازيغيتين. ويبرز هذا الأمر بشكل جلي في البعد المتعلق بتثمين وتنمية الجانب اللغوي والثقافي التعددي. فبخصوص القناة الأمازيغية، نجد بأن دفاتر التحملات تلزم الشركة “في إطار مهام المرفق العام المنوطة بها بتقديم مساهمة متميزة عبر قناة “تمازيغت” لتثمين وتنمية ونشر الثقافة واللغة الأمازيغيتين، باعتبارهما جزءا لا يتجزء من الثقافة والحضارة المغربيتين ورصيدا مشتركا لكل المغاربة”. وتقترح هذه القناة برمجة ذات مرجعية عامة ومتنوعة تهدف إلى الاستجابة لحاجيات الإخبار والثقافة والتربية والترفيه لأوسع فئات الجمهور. وفي أفق رفع ساعات بثها على مدار الساعة، فإن المادة 43 من دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الحالي ينص على أن “قناة “تمازيغت” تبث برامجها بالنظامين التناظري والرقمي كل يوم وبشكل تدريجي لمدة أربعة وعشرين (24) ساعة”. وبهدف تقوية المادة الإخبارية بهذه القناة  فإن الدفاتر الجديدة تنص في المادة 47 على أنه “تقوم “تمازيغت”، يوميا، بإنتاج وبث ثلاث نشرات إخبارية تلفزية عامة على الأقل باللغة الأمازيغية. كما تبث يوميا نشرة إخبارية باللغة الأمازيغية، وفق “نحو ومعجم اللغة الأمازيغية المعيار”، مصحوبة بترجمة مكتوبة إلى اللغة العربية، على أساس أن يتم ذلك بطريقة تدريجية”.
بالإضافة إلى ذلك و بغرض المساهمة في مواكبة الجهود التي تبذلها الحكومة، من خلال وزارات التربية الوطنية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، من أجل تعميم تدريس اللغة والثقافة الأمازيغيتين، فإن دفاتر التحملات تساهم في هذا الورش من خلال أنواع مختلفة من البرامج التعليمية. حيث تنص المادة 52  على أن قناة “تمازيغت” “تقترح، مرة في اليوم، من الاثنين إلى الجمعة، برنامجا لتعليم الأمازيغية بحرف “تيفيناغ” موجه للجمهور الناشئ”. كما أن القناة تبث وفق نفس المادة “برنامجين أسبوعيين لتعليم الأمازيغية لمختلف الشرائح العمرية. إلى جانب ذلك، تبث القناة برنامجا أسبوعيا على الأقل لتعليم اللغة العربية موجها إلى الناطقين بالأمازيغية”. إلى جانب تدريس اللغة الأمازيغية، تهدف الدفاتر الجديدة أيضا إلى النهوض بالإبداع الفني والمبدعين الأمازيغيين. و هنا تنص المادة  57 على أن “تمازيغت” تبث، بكيفية منتظمة وعلى الأقل مرة في الأسبوع، برنامجا فنيا يعنى خاصة بالموسيقى والغناء الأمازيغي الأصيل والعصري، مع ضمان تنوع التعبير الفني المغربي في بعديه الجهوي واللغوي والعمل على تشجيع الإبداع وإبراز المواهب الجديدة كما يتم من خلالها الاعتناء بتفقد أحوال الفنانين والمبدعين وبالمستجدات الميدانية التي لها علاقة بالقطاع الفني”.
من جهة أخرى عززت دفاتر التحملات آليات تشجيع الإنتاج السمعي البصري الوطني، إذ تنص المادة 62 على أن “الشركة تضطلع بدعم الإنتاج الوطني السمعي البصري والسينمائي بالأمازيغية، ويشمل الإنتاج السمعي البصري الوطني بالأمازيغية المبثوت على “تمازيغت”، والذي تنتجه الشركة بمفردها أو بشراكة مع غيرها أو حازت حقوق بثه، على الأقل عشرة (10) أفلام تلفزية، ست (06) مسلسلات، عشر (10) مسرحيات، وعشرين (20) شريطا وثائقيا في السنة، وتحتسب ضمنه الأعمال المدبلجة بالأمازيغية في السنتين الأوليين ابتداء من دخول دفتر التحملات هذا حيز التنفيذ”. و تتجلى الإضافة النوعية لهذه المادة في دعم المبدعين الأمازيغ وذلك من خلال جعل الأمازيغية لغة للإبداع والإنتاج السمعي البصري وليس لغة للدبلجة فقط.
إلى جانب الخدمة التلفزية، أولت دفاتر التحملات الجديدة مكانة مهمة لإذاعة الأمازيغية.  بحيث تنص المادة  140 على أن الشركة تلتزم في إطار مهام المرفق العام المنوطة بها، على غرار ما تم إقراره بخصوص قناة تمازيغت، “بتقديم مساهمة متميزة، عبر “الإذاعة الأمازيغية”، لتثمين وتنمية ونشر الثقافة واللغة الأمازيغيتين، باعتبارهما جزءا لا يتجزء من الثقافة والحضارة المغربيتين ورصيدا مشتركا للمغاربة. و تعتمد الإذاعة برمجة ذات مرجعية عامة ومتنوعة باللغة الأمازيغية أساسا، تهدف إلى الاستجابة لحاجيات الإخبار والثقافة والتربية والترفيه لأوسع فئات الجمهور”.
كما يبرز دور الإذاعة الأمازيغية بشكل كبير في تشجيع الإبداع و المبدعين الأمازيغيين، بحيث تنص المادة  149 على أن “الإذاعة الأمازيغية” تشجع الإبداع الفني وبروز مواهب جديدة. وتخصص حصة لبث الموسيقى الأمازيغية لا تقل عن 80% من الحجم الزمني اليومي لحصة بثها الموسيقي بين السادسة صباحا والواحدة صباحا”.
2-  تجاوز منطق الغيتو من خلال تعزيز حضور الأمازيغية بمجموع قنوات وإذاعات الشركة الوطنية والقناة الثانية :
في إطار العمل على تنزيل روح الدستور على أرض الواقع، وتنزيل مقتضياته التنزيل الأمثل، عملت دفاتر التحملات الجديدة على تجاوز المنطق الذي يعتبر اللغة والثقافة الأمازيغية حكرا على الناطقين بهذه اللغة. بل تم تعزيز معطى كون الأمازيغية “رصيدا مشتركا لكل المغاربة”، تنزيلا لفلسفة المادة 5 من الدستور، من خلال استهداف قناة تمازيغت والإذاعة الأمازيغية لكل المشاهدين المغاربة بما فيهم غير الناطقين باللغة الأمازيغية، وكذا فتح المجال أمام برامج تبث باللغة الأمازيغية في جميع قنوات السمعي البصري العمومي. وتجسيدا لهذه الغاية نجد المادة 60 من دفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تنص، بخصوص التنوع اللسني، على أن “تمازيغت” تخصص على الأقل 70% من مدة الشبكة المرجعية باللغة الأمازيغية مع مراعاة التنوع اللساني، وعلى الأقل 20% باللغة العربية وباللسان الحساني الصحراوي واللهجات المغربية الأخرى. ويمكن لقناة “تمازيغت”  أن تخصص برامج باللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم”. وبناء عل ذلك، يمكن للجميع متابعة برامج قناة تمازيغت سواء من خلال برامج معدة بلغات أو تعابير أخرى، أو من خلال نظام الترجمة إلى اللغة العربية الذي سيتم إرساؤه بشكل تدريجي.
من جهة أخرى، تشمل عملية إدماج اللغة الأمازيغية، وفق النصوص الجديدة، مختلف القنوات العمومية لكي تقوم هي الأخرى بدورها في النهوض والمساهمة في الرفع من شأن اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
فبخصوص القناة الأولى، تنص المادة 26 التي تهم النشرات الإخبارية على أن القناة “تبث يوميا نشرة إخبارية باللغة الأمازيغية، وفق “نحو ومعجم اللغة الأمازيغية المعيار”، مصحوبة بترجمة مكتوبة باللغة العربية، على أساس أن يتم ذلك بصفة تدريجية”. أما بخصوص الأعمال التلفزية والسينمائية والمسرحية، تنص المادة 37 من دفتر التحملات على أن تستثمر “الأولى” رصيد قناة “تمازيغت” في عرض الأفلام التلفزية و السينمائية من إنتاج وطني. أما في ما يهم التنوع اللسني، تنص المادة 39 على أن تخصص الأولى 20% على الأقل من مدة الشبكة المرجعية بالأمازيغية.
في ما يخص شركة صورياد القناة الثانية، تنص دفاتر التحملات الجديدة في المادة التاسعة بخصوص التنوع الثقافي واللغوي و المجالي على أن “الشركة تعتمد على برمجة تعكس تنوع مقومات وروافد الهوية المغربية وتجلياتها الثقافية واللغوية والفكرية والمجالية والاجتماعية…” و تلك إشارة واضحة إلى المكانة التي تخصها الدفاتر الجديدة للرافد الأمازيغي على اعتبار أن هذه المادة  تعكس في فلسفتها روح المادة الخامسة من الدستور.
كما تنص هذه المادة على أن الشركة تبث برامجها باللغتين العربية والأمازيغية واللسان الحساني واللهجات والتعبيرات الشفوية المحلية المغربية المتنوعة، مع المحافظة على سلامة اللغتين العربية والأمازيغية، خاصة في البرامج الموجهة للأطفال والجمهور الناشئ والنشرات الإخبارية، وفي الدبلجة وفي الترجمة المكتوبة المرافقة للأعمال المبثوثة، وذلك بصفة تدريجية تسمح للمشاهد غير الناطق باللغة الأمازيغية بمتابعة هذه البرامج والاستئناس بحرف تيفناغ.
كما تنص نفس المادة من جانب آخر، على غرار ما نصت عليه دفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، على أن الشركة “تلتزم في إطار مهام المرفق العام المنوطة بها، بالمساهمة المتميزة في تثمين وتنمية وإنتاج وبث الثقافة المغربية بتنوع مكوناتها وروافدها الثقافية واللغوية والمجالية”.
في ما يهم الجانب الإخباري و تثمينا للتراكمات والمكتسبات، تنص المادة 21 على أن القناة الثانية تبث يوميا “نشرة إخبارية باللغة الأمازيغية وفق نحو ومعجم اللغة الأمازيغية المعيار، مصحوبة بترجمة مكتوبة إلى اللغة العربية على أساس أن يتم ذلك بصفة تدريجية”. أما بخصوص التنوع اللسني، تنص المادة 36 من دفتر تحملات شركة صورياد على أن القناة الثانية تخصص 80% من مدة شبكتها المرجعية للبرامج باللغة العربية السليمة والمبسطة واللغة الأمازيغية.
ودائما بخصوص شركة صورياد القناة الثانية، تنص المادة 39 من دفاتر التحملات الجديدة على أن إذاعة 2M تنتج وتبث يوميا نشرات إخبارية باللغة الأمازيغية. أما بخصوص التنوع اللسني، تنص المادة 47 على أن الإذاعة تعمل على مراعاة التنوع اللغوي واللسني في مختلف برامجها.
ويعتبر حضور الأمازيغية وازنا كذلك في البرمجة الخاصة بالقناة الثقافية على اعتبار الدور التربوي و التثقيفي الهام المناط بها. و هنا تنص المادة  67 على أن تبث “الثقافية” أسبوعيا، وبصفة منتظمة لمدة لا تقل عن 52 دقيقة، برنامجا حواريا مخصصا للتعبير الأدبي المغربي، من إنتاج مغربي وتخصص فقرة منه باللغة الأمازيغية. كما تنص المادة 68 على أنها تبث برنامجا ثقافيا أسبوعيا على الأقل باللغة الأمازيغية.
بخصوص القناة السابعة أفلام، تنص المادة 107 من دفاتر تحملات الشركة الوطنية على أن القناة تساهم في تثمين التنوع الثقافي واللغوي في المغرب، عبر بث الأعمال التخييلية التلفزية والسينمائية بالأمازيغية. أما في ما يهم قناة “الأسرة والطفل”، فنجد المادة 120 تنص بخصوص التنوع الثقافي واللغوي على أن تبث القناة برامجها أساسا باللغة العربية والأمازيغية.
هناك أيضا قناة السادسة التي ستبث “برامجها باللغة العربية أو باللغة الأمازيغية أو أية لغة أجنبية مع الترجمة إلى اللغة العربية الفصحى، كما يمكنها نقل الأحداث الدينية وبثها بشكل مباشر أو غير مباشر، وتخصص القناة 10% على الأقل من مدة الشبكة المرجعية للبرامج  باللغة بالأمازيغية”.
خـلاصـة:
هي إذا مقاربة جريئة وبناءة، تلك التي اعتمدناها في إعداد دفاتر تحملات قنوات السمعي البصري العمومي، بخصوص الإدماج الحقيقي والمتدرج للغة الأمازيغية بصفتها رصيدا مشتركا بالنسبة لكافة المغاربة. مقاربة تعتمد على مبدأي الشراكة والتشاركية، وترتكز على النهوض بالموارد البشرية، وتضع أهدافا و قواعدا عامة للخدمة العمومية. مقاربة ترمي إلى تجاوز منطق الغيتو الذي يعتبر اللغة والثقافة الأمازيغيتين حكرا على الناطقين بهذه اللغة، وذلك من خلال استهداف برامج قناة تمازيغت والإذاعة الأمازيغية لكل المشاهدين المغاربة، وكذا فتح المجال أمام اللغة الأمازيغية في جميع قنوات السمعي البصري العمومي. مقاربة تثمن المكتسبات، وتسعى إلى التنزيل الأمثل لمقتضيات الدستور الذي أفرد أهمية خاصة للغة الأمازيغية. ولعل الهدف الأسمى هو الإدماج الحقيقي للغة الأمازيغية في لإعلام السمعي البصري العمومي ببلادنا، التزاما بمقتضيات الدستور، واستلهاما للتوجيهات الملكية بهذا الخصوص، وتنزيلا للالتزامات الحكومية الواردة في البرنامج الحكومي.

*مجلة أسيناك، العدد الثامن، 2013، ص 25-32.







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.