محمد الطالبي
صحافي وفاعل جمعوي
من الغريب جدا أن يرتكب ممثلو السلطة بالمعدر الكبير خطأ قانونيا من قبيل تزكية تنصيب نائب أراضي الجموع بذلك الشكل غير المفهوم، حين استيقظت ساكنة المعدر الكبير صباح يوم الجمعة 6 مارس على وقع خبر هذا التنصيب الذي تم يوم الخميس 5 مارس بقيادة رسموكة، ولا أحد يعرف بالمناسبة اسم الشخص الذي تم اختياره إلى حدود كتابة هذه السطور.
السلطة التي يفرض منها أن لا تميل لا مع الأعيان (16 واحدا التي لا تمثل في كل حال الإرادة الجماعية للساكنة ودوي الحقوق ولا تحقق التوافق والتراضي) ولا مع أي طرف سياسي كيف ما كان، وتأخذ بالتالي مسافة من الجميع وتتميز بالتعقل في قراراتها، (السلطة) تنجرف انجرافا أدى لانطلاق نقاش عمومي واسع بين الساكنة واستنكار هذا التصرف، وبداية حملة جمع توقيعات الطعن في هذا القرار مباشرة بعد هذا الخبر (وصلت حملة الطعون لحدود الآن لـ 100 شخص والرقم مرشح للارتفاع).
السلطة كان عليها ببساطة ولكي تخرج نفسها من الباب الواسع وتجنب نفسها سهام النقد، (كان عليها) أن تسهر على تطبيق منطوق القانون 62.17 وبالأخص مادته العاشرة، والمرسوم التفصيلي 2.19.973 (المواد 6 إلى13)، من خلال الإعلان أولا عن انتخاب نواب أراضي الجموع كإجراء ديمقراطي شفاف وواضح، وتكون السلطة بالتالي حريصة على التنزيل السليم للقانون، فهذا دورها ولا غير، أما أن تتحول ويصير لديها مواقف واصطفافات، وهو ما حصل في هذه الحالة، فهذا يشكل خطرا كبيرا على الممارسة الديمقراطية ومسار التنمية بالمنطقة برمتها.
ماذا يقول القانون ؟
قراءة في المرسوم 2.19.973 المتعلق بتطبيق قانون 62.17 بشان الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، تؤكد على وجود ثلاث حالات أكد عليها المرسوم المنظم لعملية اختيار نواب أراضي الجموع، الحالة الأولى، وهي الانتخاب، التي تتم من خلال إجراءات واضحة بنص القانون من المادة (7-11)، أما الحالة الثانية، فهي، التوافق والتراضي، بحيث يتم التراضي بين ذوي الحقوق وألزم المرسوم بضرورة وجود إشهاد إداري على هذا التوافق.
أما الحالة الثالثة فتأتي بعد تعذر الحالتين الأولى والثانية، حسب ما تبين من تراتبية مواد المرسوم، فحين تفشل محاولة الانتخاب لأي سبب من الأسباب وتعذر التوافق والتراضي كمرحلة ثانية ولأي سبب من الأسباب، فتأتي الحالة الثالثة كحل بعد وجود عذر وأسباب، فهي الحالة التي يتم من خلالها التعيين من طرف العامل باقتراح من طرف السلطة المحلية، وأكد القانون أن هذا التعيين يسري مفعوله فقط لسنة قابلة للتجديد مرة واحدة، كما يفرض على السلطة في هذه الحالة أن تقدم ما يثبت تعذر الحالتين الأولى والثانية ؟ !
في حالتنا بالمعدر الكبير لماذا قفزت السلطة المحلية إلى تقديم مقترحها رغم عدم وجود عذر ولا أسباب تمنع الحالتين الأولى (الانتخاب) والثانية (التوافق والتراضي) ومرت إلى الاختيار الثالث مباشرة بدون وجود موانع في الحالتين الأولى والثانية !!
الأمر يعني شيئا واحدا أن ممثل السلطة الجديد الذي جاء خلفا للقائد السابق والذي ترك سمعة طيبة بين الساكنة وفاعليها من كل الأطياف والمشارب، القائد الجديد للأسف لم يقدر جيدا، أولا، هذه الصورة التي تركها القائد السابق، وثانيا، التحولات التي وقعت في المعدر الكبير، واعتقد – والله أعلم- أن الأمر سيمر ببساطة وبدون أن يثير الموضوع أي نقاش، لكن الحاصل أن الأمر لا يمر بهذه المسلكيات.
فبهذا الخطأ الاستراتيجي لم يحترم ممثلو السلطة بالمعدر الكبير ليس فقط إرادة الساكنة في أن تمر أمورهم التدبيرية بكل شفافية، ولم يحترموا ليس فقط المعطى القانوني المؤطر في هذا الجانب، بل لم يحترموا إرادة الدولة والخطب الملكية في هذا الصدد، منذ انطلاق ما سمي بـ “المفهوم الجديد للسلطة”، ولم يتم احترام ما جاء به دستور 2011 من مقتضيات على رأسها تعزيز الديمقراطية التشاركية وتوطيد أسس الحكامة الجيدة وغيرها من المفاهيم.
يجب في اعتقادنا على ممثلي السلطة بالمعدر الكبير أن يقرؤوا جيدا التحولات التي وقعت بالمنطقة، ويعرفوا بالضبط النفس الديمقراطي الذي تعزز في المنطقة منذ سنة 2009 أي قبل حتى الحراك المغربي، يجب أن يفهموا التحولات التي وقعت في البنية الديمغرافية للمجتمع المعدري الذي تعزز بحضور قوي للشباب، لكن الأهم فهم التحولات التي وقعت على مستوى فضاءات التواصل، فالمعلومة اليوم تنتشر بشكل سريع وتفتح جبهات للنقاش، وموضوع “أراضي الجموع” ومنذ أن فتح نقاشه وهو مادة للتداول في الوسائط الإعلامية خاصة في مجموعة “المعدر بريس” التي تضم المئات من ساكنة المعدر الكبير مما أدخل السلطة دائرة ضيقة كانت عن غنى عنها.
اليوم هناك فرصة لتدارك الأمر فهل تراجع “السلطة” أوراقها بعد هذه الورطة ؟
تعليقات