“أنا مغربي ونهار 20 فبراير غانخرج باش .. نمشي ندير قهوة فصباح: 8 دراهم .. نتغدى فسناك: 15 درهم .. نتسارى فالمدينة: 1 درهم زريعة .. نشم لهوى : فابور .. نبدل الجو: فابور .. نصلي الصلوات فالجامع: بدون رقابة .. نتحرك بكل حرية: بدون حضر تجول .. و نرجع لدارنا بيخير و مفوج: لوقت لي بغيت .. شكون لي بحالنا ! .. الله ينصر سيدنا و عاش الملك و المغرب”
هذه ليست دعاية عرضتها هيئة إعلامية رسمية، أو شعار سياسي لتيار سياسي يدعم الحكومة، إنما هي عبارات صدرت عن مجموعة شباب تناقلوها بمحض إرادتهم ووضعوها على حساباتهم على الفيس بوك..
البعض سيقول أن الأمر ساذج، أو أنه نظرة سطحية لواقع مزر، فيما قد يصنفهم أنصار الخروج للشارع في خانة المواطنة البليدة والببغاوات المخزنية..
لكن شخصيا أفضل وصفهم بالأنانية، وهي تهمة لا يعذرون عليها..
وقد عزمت أن أخصص تدوينة كاملة للأفكار المطروحة أعلاه، في إطار من الحيادية والواقعية، وأشرح بكل دقة لماذا أعتبر هؤلاء أنانيين.
دعونا نتفق أولا على أن كونك قادرا على قراءة ما كتبته راجع لكونك تتوفر على جهاز حاسوب وخط أنترنيت، سواء في بيتك أو أنك على الأقل قد تجاوزت هم التفكير في قوت يومك ومسكنك وملبسك إلى التفكير في ارتياد مقهى أنترنيت والدخول على مدونة “شخص ما” لتقرأ ما كتبه..
ما يعني كونك في وضع لا بأس به، قد لا يكون ممتازا لكنك على الأٌقل قد تتوفر على الأساسيات.. وهو أمر يعدمه ألوف من الجوعى والمساكين يفترشون الأرصفة ويتقون برد ليالي الشتاء بصناديق الورق المقوى (الكرتون)، ولا هم لهم سوى تحصيل لقمة تخفف من الجوع، ولا يعرفون عن الحاسوب والأنترنيت إلا ما يرونه من نوافذ المقاهي قبل أن يطردوا باشمئزاز..
الألوف الذين لا يعتمدون إلا على المطر بعد الله عز وجل، في مصروف عامهم من ضروريات الضروريات، الكثير من الأطفال المحرومين الذين لا يزال نقل ليترات من الماء الغير الصالح للشرب جزء من روتينهم اليومي والكثيرين الذين يموتون بالبرد في المناطق النائية أو بالإهمال في المستشفيات الحكومية، إن كنت لا تراهم فأنت من اختار ذلك، وجودهم واقع يومي وجودهم حقيقة مرة مدعومة بأرقام مخيفة، وإن لم تكن كل هذه الحقائق “تهمك” أو “تستفزك” فتلك قمة الأنانية.
ووالله إن الكلام عن هذا الواقع البئيس لا يعطيه حقه ولا يجزيه وصفه، وإني لأستحيي من الحديث عن هؤلاء الناس، أنا الذي يجد قوت يومه ويلبس مريحا ويعيش في وضع لا بأس به لكن بقناعة ولله الحمد..
دعونا نلتمس لأهل هذا الخطاب عذر الجهل بكل ما ذكر من حقائق، (ولو أنه ليس بعذر كاف)، ولنقل أنهم ربما تعاملوا مع المحرومين بمنطق “إن لم تجد خبزا فعليك بالحلوى”، لكن إن كانوا فعلا جاهلين بهذا، فهل يخفى عليهم وضع المستشفيات؟ وهل يخفى عليهم المستوى التعليمي الذي وصلت إليه بلادنا (غزة المحاصرة أحسن منا)؟ وهل تخفى عليهم سلسلة الإذلال التي يتعرض لها كل من طالب بحق من حقوقه الطبيعية في المصالح الإدارية والأمنية؟ وهل يخفى عليهم الوضع المزري لشوارعنا؟ وهل تخفى عليهم الألاعيب الرخيصة التي صارت قواعد تحكم المشهد السياسي؟ هل يخفى عليهم أن المغرب عاث فيه المفسدون فسادا؟ وأن الحكومة برئيسها المتورط في فضيحة “النجاة”، وعشيرته الذين تقلدوا أهم المناصب في البلاد وكأنهم يسيرون ضيعة أبيهم، لم تحقق شيئا ولم تزد الوضع إلا سوء؟ وهل يخفى عليهم كيف يصم الجميع آذانهم عن المواطن وكأنه مجرد صفر على اليسار؟
وقبل أن أجيب عن سؤال الساعة: “هل سأخرج يوم 20 فبراير لو أتيحت لي الفرصة؟”، إليكم بعض منطلقات دعوة هؤلاء المغاربة:
1.خمسة ملايين مواطن مغربي يعيشون تحت خط الفقر.
2.تفحش البطالة في شباب حامل لشهادات عليا وقمعهم أمام البرلمان.
3.التفاوت الطبقي الكبير بين فئة لا تشكل أكثر من 5% من الشعب المغربي التي تتحكم في 90% من ثروات البلاد و بقية الكادحين
4.فرض ضرائب مرتفعة على محدودي الدخل بدون تطوير كافي للبنية التحتية للبلاد, وخير دليل ما تتسبب فيه الأمطار من خسائر في جميع أنحاء المغرب.
5.التهميش الدي تعاني منه فئات عريض من الشعب المغربي.
6.الفساد المالي الدي تفاقم في العشر سنوات الأخيرة حيث أصبح المغرب يحتل الرتبة 89 على مستوى 180 دولة في أخر تقرير لمنظمة الشفافية العالمية,بعدما كان يحتل الرتبة 78 في سنة 1999 .
7.عزوف الشعب عن الانتخابات في 2007 يؤكد على أزمة ثقة بين الشعب و أصحاب القرار في الدولة
8.القمع الكبير والاانساني الممارس من طرف المخزن ضد الفئات المهمشة من الشعب المغربي في مدن مثل سيدي أفني و صفرو وتطوان و كل من انتفض ضد الظلم و التهميش و الظروف الاجتماعية المتردية.
9.تدني قطاع التعليم بشكل كبير في الترتيب العالمي, وعدم تخصيص النسبة الكافية من ميزانية الدولة لهذا القطاع الحيوي الذي يضمن تكافؤ الفرص و مستقبل الأجيال القادمة.
10.التضيق على الصحافة النزيهة ومنع عديد من الصحف من النشر.
11.تفاقم الهجرة “الشرعية” و غير الشرعية للشباب المغربي بسبب الاحباط و انسداد الأفق أمامهم و فقدانهم الثقة في المستقبل.
12.المساجد التي انهارت فوق رؤوس المصلين و المصانع التي مات عمالها بالحرائق و الأدخنة أو احتضروا ببطئ بسبب الظروف الملوثة و المزرية للعمل.
13.القضاء الغير مستقل و فساده الذي يتسبب في غياب العدالة و ضعف الاسثتمارات في البلد .
14.الانحلال الأخلاقي والفساد الذي اجتاح بلدنا حتى أصبح يشكل وجهة مفضلة للفاسدين و المنحرفين جنسيا و تجار الرقيق الأبيض و انتشار المخدرات في المجتمع المغربي بدون وضع استراتيجية واضحة لمحاربة هده الأفات التي تدمرالمجتمع بصفة عامة و الشباب المغربي بصفة خاصة.
15.خوصصة موارد الدولة دون وضع بدائل تملؤ الفراغ…
16.تقارير منظمات حقوق الانسان التي تفضح المعتقلات السرية و التعذيب بالوكالة و الانتهاكات الفظيعة في حق المعتقلين .
17.نظام مستبد يكدس كل السلط التشريعية و التنفيذية و القضائية في يد واحدة حسب الدستور الحالي للبلاد الذي يشكل شرعنة للاستبداد و أكبر عائق أمام الانتقال الديموقراطي الموؤود
18.نظام المعاشات الهزيل للمتقاعدين و الأرامل و أسرالمتقاعدين الذي لا يوفر حتى الحد الأدنى لمقومات العيش الكريم.
أما جوابي فهو “نعم”، لأنني لست أنانيا، و”نعم” لأنني لست طماعا إذ أطالب بحقوقي الأساسية.. و”نعم” لأن المغاربة جربوا كل الوسائل المشروعة من الإضرابات والتظاهرات وحتى المشاركة في المسرحية السياسية لإسماع أصواتهم دون جدوى، آن الأوان ليثور المغاربة سلميا وحضاريا على الفساد ويطالب الجميع بإصلاح الدستور ووضع النقاط على الحروف وإعطاء بعض المصداقية للعملية السياسية التي تتحكم في النهاية في كل شيء.
وكما أقول مع هؤلاء “الله ينصر الملك”، أضيف “الله ياخذ الحق في من أكل أموال الشعب واليتامى والمساكين بغير حق، اللهم إن أردت بهم خيرا فاهدهم وإلا فخذهم يا رب أخذ عزيز مقتدر”
التوقيع: خالد مربو
مواطن مغربي