ظلت ظاهرة إمعشارن منبعا للفرجة وتكريس قيم المجتمع المحلي الذي تنهل من ذاكرته بأبعادها التراثية والتاريخية والإنسانية والاجتماعية، في توافق تام ومركب بين الفن ومظاهر الحياة اليومية حيث يتم إعادة قراءة الواقع بشكل ساخر وبرؤية نقدية. ولن نتحدث هنا عن الجذور التاريخية للظاهرة وأهدافها,,,
واختلاف التأويلات والنوايا بصددها، بقدر حديثنا عن تحريف مقاصدها الأساسية على ما عهدناه ممن كان لهم السبق في ابتداعها..، حيث تمت إعادة إحيائها برؤى جديدة بعيدة كل البعد عن طابعها الأصيل الذي أشبع دراسات وبحوثا جامعية، ونبشا في شهادات العديد ممن كانوا يشرفون على تنظيم هذا اللقاء الموسمي الذي اقترن بالإبداع بكل أبعاده وحسن التنظيم ومشاركة البالغين فيه ومتنفسا لضنك الحياة اليومية، لكن المثير في الآونة الأخيرة اتخاذ هذا التعبير الفني مطية للاسترزاق والتسول محليا بل تعداه ليصبح التكسب به وطنيا! وتجريده من جوهره من خلال المظاهر التالية، والتي استقيناها من مواقف بعض ممن كانوا يشاركون في هذه اللوحات المعبرة وتتجلى في : التحرش الجنسي بالفتيات، حيث يمكن القناع من تجنب التعرف على صاحبه فيتحرش أمعشار بهن جنسيا ويسمعهن من بذاءة الكلام مالا يوصف ولا يقال، بل يصل الأمر أحيانا إلى تطاول أيدي إمعشارن على أعراض النساء والفتيات وجيوب الرجال. كما تتضح القطيعة مع غايات هذه الظاهرة في وجود شباب لا يقبلون على ميدان الفرجة إلا ورائحة الخمر التي تنبعث منهم، تزكم الأنوف وتملأ بعض القنينات المستهلكة حديثا جنبات مسرح الفرجة. أما الصغار فقد اتخذوها مجالا لمد أناملهم للمارة طلبا للحصول على دريهمات ينشؤون من خلالها على تكريس ظاهرة التسول في نفوسهم، ناهيك عن عدم مفارقتهم لأحياءهم إلى وقت متأخر من الليل بأهازيجهم وطبولهم ويتسببون في ضجيج يقظ مضجع الطالبين للراحة والهدوء، دون أن ننسى ما يتلقاه ويحفظه هؤلاء من زبدة الكلام الفاحش فيتربون على الاعتياد عليه. فهل تتم مراقبة هذه الممارسات والتصرفات اللا أخلاقية؟ وأين تلك الأقاويل التي تتحدث عن اتخاذ جميع التدابير والاحتياطات اللازمة من أجل إنجاح هذا الطقس تنظيميا وأمنيا؟ خصوصا بعدما شهد إكي واسيف بحر الأسبوع الماضي ملاكمة بين تاجر وأمعشار دخل محله عنوة مستجديا منه المال وقد بلغ بهما الأمر إلى عراك أصيب خلاله صاحب المحل بلكمة أعادت تشكيل تضاريس وجهه؟ فهل من مثل هؤلاء ننتظر إحياء هذا الطقس الفلكلوري؟! .