عبد الله القسطلاني *
في بداية حديث هذا الاسبوع لا بد من الاشارة أنه تصادف مع يوم 29 نونبر الذي وجب أن نذكر بأنه يعتبر تاريخا هاما دوليا ووطنيا، فمن الناحية الدولية انتصار دبلوماسي للفلسطينيين الذين تمكنوا بدعم من الدول العربية والاسلامية من الاعتراف بدولة فلسطين كمراقب ضمن الامم المنحدة وهي خطوة إيجابية لا بد أن تليها خطوات أخرى نحو التحرير الكامل، والحدث الوطني …
تعيين أول رئيس حكومة بعد تعديل الدستور مما يعني أنه مر على تعيينه سنة كاملة فماذا حققت حكومته للمغاربة ؟؟
فكل ما قامت به حكومة بنكيران في أقل من سنة لا يريق بعض الفاعلين، أو من يرون اللون الواحد، بحيث أنه لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب، وبلهجتنا المغربية الدارجة ( ولو طارت معزة )، فبعض المنتسبين للفئة المثقفة وخصوصا منهم الفئة السياسية، التي من المفروض عليها أن تقود المجتمع باعتبارها فاعلا سياسيا مبادرا ومقترحا ومعارضا، وهو ما يخلق دينامية وحركية في المجتمع، فبعد سنة من تعيين رئيس الحكومة ـ وقد كان ذلك نهاية فصل الخريف ـ ولربما هو ما دفع بعض هذه النخب التي لا ترى من الالوان إلا لون واحدا ( الاسود ) ـ دفعها ذلك ـ إلى اعتبار كل الفصول خريفا، بإنكار ما وصل إليه العمل الحكومي من تدابير وإجراءات، تبدو للعيان بسيطة حسب ما تسوق له المعارضة، لكنها في العمق تمس الفئات الشعبية والفقيرة ( مثلا التخفيض في أثمنة 360 دواء) وقد تابعت أمس بإحدى مقاهي المدينة حديث رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية بالبرلمان ـ فرأت تجاوب جمهور الحاضرين مع جميع ما قاله بنكيران وخاصة عندما تحدث عن تخفيض الادوية وعلق أحهم على ذلك قائلا ( هادو ضد هاد السيد ليكايهضر معقول، كايضربو فالبارد )، فمن نصدق أصوات الشعب أم أصوات من يناهض التغيير؟
إن أول خطوة نحو التغيير هي تغيير العقليات، وتوسيع إدراكها حتى تستوعب المرحلة وحاجياتها التي تتطلبها ظروف الاصلاح والتغيير، إذ لا يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه، فمتى نستوعب اللحظة وما تنتظره منا من بناء وتأسيس لديمقراطية ما بعد ربيع الشعوب، بعد أن توارى المتحكمون في صنع الخرائط والسياسات، غير مأسوف عليهم، كابثي أنفاس الشعب لحظة لا محالة سنكون مسؤولين عنها جميعا، أحزابا وجمعيات وأفرادا ومؤسسات، وهنا لا بد أن أطرح تساؤلا عما هي العدالة الاجتماعية التي نريدها لشعبنا ؟؟ هل ننتظر في ذلك دروسا من الاخرين ؟؟ ما نعرفه هو أن العدالة الاجتماعية هي حق المواطن في حد أدنى من العيش رغم ما يمكن أن يعتري حق الشغل وحق السكن وحق الامن الذي يكفل للفرد كرامة العيش فكل إخفاق في هذه المجالات من قبل الحكومات موجود في جميع بلاد الله وهنا لست أسوق مبررات لعجز حكومي قد يكون محتملا لأن البشر معرض للخطأ، ومع ذلك فالعدالة الاجتماعية تتفق حولها التوجهات ( اليسارية والاسلامية واليمينية ) كل حسب مفهومه لكن مع اختلاف في التنزيل والاجراءات، وعليه لا يمكننا أن نتحدث عن العدالة الاجتماعية دون إعطائها مضمونا يتفق مع الديمقراطية وحقوق وكرامة الانسان مما أشرنا إليه سابقا، فلماذا كل هذا اللغط المصاحب لإجراءات بداية التغيير ( لوائح الكريمات ـ لوائح المقالع ـ دفاتر التحملات للقطب العمومي ـ التحقيق في ملفات الفساد ـ و… ) كل هذا أثار جدلا ومن حق المجتمع أن يناقش هكذا إجراءات، في إطار تقويم السياسات الحكومية، ولا يضر ذلك في شيء، إنما الغريب في الامر أن ينكر الفرد بشكل مطلق ( مثال وهبي بشكل دائم ) ما تحقق خلال سنة بطرحه لتساؤلات خارج السياق، ومن حقه كمعارضة، تفعيلا لدورها كما نص عليه الدستور، وعلى مثل هؤلاء ينطبق ما قاله المواطن بالمقهى ( كايضربو فالبارد ) ولسان حالهم يقول: ولو طارت معزة … بحيث لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب فعجيب أمر هؤلاء.
* كاتب صحفي