لا زالت الذاكرة الجماعية للمغاربة تحتفظ بالصورة التي رسمتها “أم الوزارات”، منذ عهد إدريس البصري، كانت الوزارة حينها تطبق توجها للقصر في تحجيم كل شيء، الأحزاب السياسية والتنظيمات الإسلامية وجمعيات المجتمع المدني، تقوم بتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ ورسم الخرائط الانتخابية والحظر والمنع والقمع والوضع والرفع…
مع فصول الربيع الديمقراطي تراجعت الداخلية إلى الخلف، باحثة عن أي “بارشوك” للحيلولة بينها وبين أي صدامات مباشرة مع مختلف الأطراف، كانت حاضرة بقوة وغائبة في الشكل، رويدا رويدا بدأت القفازات تزول عن أيادي الداخلية، لتبرز أيادي “الوزارة الأم” في تجاوز مختلف الخطوط المرسومة بمقررات الاختصاصات الموكولة لكل وزارة على حدا، حتى ارتفعت الداخلية أحيانا فوق رئاسة الحكومة…
الجديد في أدوار وزارة الداخلية هو الاستعانة بالأساليب القديمة، المتمثلة في استعمال عبارات “التوجيهات العليا” أو “الأوامر العليا” في خدمة تقدمها بالوكالة، هذه المرة ليس للقصر، وإنما لحزب سياسي ترعاه جهات بعينها، تتخذ منه أيضا مجرد “بارشوك” لحماية مصالحها، التي تتعارض مع توجهات محاربة الفساد والحكامة والدمقرطة…
ففي آخر المؤشرات التي تثبت ما نذهب إليه هنا، انكشفت إحدى أكثر الفضائح خطورة، وهي تلك المتمثلة في قيام وزارة الداخلية باستعمال عبارة “أوامر عليا” لمنع عمدة الرباط محمد الصديقي من حضور الأنشطة الملكية، وقيام والي جهة الرباط سلا القنيطرة بمنع مختلف الدعوات التي تمر عبر مكتبه من الوصول إلى عمدة الرباط، وكلنا يعلم من فجر موضوع المجلس الجماعي، وكيف لجأ حزب الأصالة والمعاصرة إلى البلطجة لعرقلة أشغال المجلس، ثم كيف ذهب إلى تفجير ملف “ريضال” الذي أصبح اليوم جمرة في أيدي الذين قاموا بتفجيره.
وتلجأ الداخلية في هذه العملية إلى أنواع تقليدية من التسريبات عبر المنابر الإعلامية، في سعيها الدائم إلى أقناع الأطراف السياسية الأخرى بأنها، فقط، تنفذ “توجيهات عليا”، السلاح الذي استعمله لوبي “البام” في الضغط والابتزاز على غير قليل من المسؤولين والمؤسسات، استعانة بالجزب المظلم في المادة الرمادية للذاكرة الجماعية والتي دأبت على أن هاته العبارة لا تناقش، حتى في صحة وجودها !!
ولأن التحكم يشبه كثيرا مصارعا مغمض العينين فإنه يلجأ إلى منع كل ما يشتبه بكونه يغذي فوز العدالة والتنمية في الانتخابات، لذلك فلا غرابة أن يكون حزب الأصالة والمعاصرة، باستعمال وزارة الداخلية مجددا، وراء منع “القفة” من الوصول إلى موائد المساكين والفقراء في رمضان!!!
و البيجيدي صنيعة من ألم يراسل بنكيران وزير الداخلية الأسبق ادريس البصري ليتعاون معه في محاربة اليسار . لن تستحمروا الشعب مرة أخرى. مل من فضح منتميا للوبيجيدي تعتبرونه تابعا للداخلية تبا لكم