الجمعة 22 نوفمبر 2024| آخر تحديث 8:49 02/21



لماذا يجب إلغاء اللائحة الوطنية لشباب ؟

لماذا يجب إلغاء اللائحة الوطنية لشباب ؟

الإجابة، عن هذا التساؤل، لم تكنْ متاحة إلى وقتْ جد قريبْ، لكن مع تفجرْ قضية ما بات يعرفْ وطنياً باللائحة الوطنية لشبابْ، أي تلك الدائرة الوطنيةْ، التي تفتحْ الباب، أمام ثلاثين شاب وشابة من الأحزاب المغربية ولوج قبةْ البرلمانْ المغربي، لولاية مدتها خمس سنواتْ.
هذا النقاش، الذي تفجرْ تزامناً، وما يعرفه الشارع المغربي من حراكاتْ، تصب جميعهاَ في طرح، إلغاء شتى مظاهر الريعْ السياسيِ، وترشيدْ الماليةْ العامّة، في ما يخدم مصالح المواطنين والوطن عامةْ، في إطار التعاقد الاجتماعي، الذي صادق عليه المغاربة، خلال يوليوز 2011، ومع إيمانهم كذلك العميق، بجدوى الإصلاح من الداخلْ، وآمال قيامهِ.
الإصلاح من الداخل، في إطار الدستور السادس للمملكةْ، هي الأرضية الصلبةْ، والمتينة، لشتى النقاشات السياسية، التي يعرفها الشارع المغربي، وتستأثر اهتمام الرأي الوطني، وفي ما يلي سنحاول جاهدينْ، وضعْ النقاش الوطني حول إلغاء اللائحة الوطنية لشباب في سياقه الصحيحْ، مع إمكانيةْ تطور النقاش، لما هو أبعدْ، لأنه وبكل بساطةْ، مغرب الريعْ، لم يعد متاحاً، ولعلّ السياق الحالي الوطني والدولي، خير تعبيرْ على تجاوز مراحلْ السبات السياسي المغربي.
عدم دستورية اللائحة الوطنيةْ، وتعارضها مع مبدأ تكافئ الفرص والمساواة.
دستوريا، لا وجود لنص صريحْ، يترجم قانونية اللائحة الوطنية لشباب، وإنما يتعلق الأمر بتكييف وتأويل، وإن صح التعبير اجتهادات تأويلية، لبعض النصوص، التي أشارت إلى المشاركة السياسية لشباب، وهي تلك النصوص، التي استخدمت في غير محلهاَ، وبطريقة إجرائية، تتعارض ودستور 2011، في بنود أخرى، الذي يؤكد صراحة، على الديمقراطية التمثلية عبر صناديق اقتراع مباشرةْ.
وقد أشار أستاذ القانون الدستوري والمحامي عبد العزيز النويضي، في هذا الصدد بقوله “إن إقرار لائحة وطنية للشباب خارج لائحة المرأة التي يبررها التمييز الإيجابي يعد خرقا لمبدأ المساواة المكرس دستوريا والذي لا مبرر له في حالة ضم هذه اللائحة للرجال ولو بدعوى تشجيع مشاركة الشباب. (…) مع الأسف خضع المجلس الدستوري للموقف السياسي وقبل القانون التنظيمي الذي يتضمن لائحة وطنية تشمل 60 مترشحة و30 مترشحا ذكرا لا تزيد سنهم على 40 سنة (المادة 23) وذلك في قراره 817/2011 بتاريخ 13 أكتوبر 2011 الذي صرح بمقتضاه بمطابقة القانون التنظيمي لهذا المجلس للدستور رغم أن الأمر يخرق المبدأ الدستوري للمساواة بخصوص الجزء من اللائحة الذي يتضمن الذكور “(1)
ما يفسر موقف المجلس الدستوري من اللائحة الوطنية لشباب (2011/817)، هذا الموقف الذي اتسم بالضبابيةْ، أملته الظروف السياسية، التي كان يعيشها المغرب، خلال سنة 2011، والسياق العالمي للأحداث، والدور المحوري، الذي لعبه الشباب، آنذاك في توجيه الأحداث،  بالإضافة، إلى تساؤلات حول كيفية إدماج الشباب في الحياة السياسية، مع تشديد الملك محمد السادس في خطاباته، آنذاك، على ضرورة إدماج الشباب داخل الحقل السياسي.
هذه العوامل، وغيرها، بررت آنذاك وجود اللائحة الوطنية لشباب، ورغم عدم دستوريتها، انحت الحكومة ومعها المجلس الدستوري، للعاصفةْ، ليس لسواد عيون الشباب، وإنما، كما قلناَ لدقة وحساسية السياق السياسي الوطني والدولي آنذاك.
غياب الديمقراطيةْ الداخلية بالأحزاب، أبرز معيقات تحقق شرط تكافئ الفرص بين الشباب المتحّزب.
مع تصاعد وثيرة المطالبة الشعبية، بإلغاء اللائحة الوطنية لشباب، في التعديل المرتقب لمدونة الانتخابات التشريعية، تعالت أصوات هنا وهناك، محسوبة على الشبيبات الحزبية،تارة تدافع عن وجود هذه اللائحة، تحت مسمى ضمان تمثيلية الشباب داخل المؤسسة التشريعية الأولى، وتارة أخرى، نهج هؤلاء، ممن يبدو، أن اللائحة والمقعد البرلماني، يسيل لعابهم، حد تسويف النقاش الوطني، حول إلغائها.
هذا التفاعل السلبي، من جانب شبيبات الأحزاب، يسجل انتهازية أفراد هذه الشبيبات، وتعارضها، إن لم تكن قطيعتهم الواضحة، مع نبضات الشارع المغربي، السلطة، التي لا تعلو عليها سلطة، ولنا في ما سبق من نقاشات، لا خير دليل، على أن المغاربة، تجاوزوا مرحلة الجمود الفكري والسياسي،، بدرجات كبيرة، الشيء، الذي يلغي جميع ألاعيب الساسة الشباب، المقنعين بقناع، أنا ومن بعدي الطوفان.
عندما يقف زعيم الغد، في الصف المعادي لمطالب الجماهير، فان ذل ذلك على شيء، فإنما يدل على أننا بصدد معانية، فئة جديدة، من السياسيين، أكثر ضراوة، وعداء لرفاهية الشعب، من أسلافهم، ممن كانت لهم على الأقل في فترات معينة، مواقف تاريخية، غير أن ممارسات جيل اليوم تلغي التاريخ، وتهدر المستقبل.
من العيب والغير منطقي، أن يدافع شباب ما بعد الحراك المغربي، والدستور السادس للبلاد، عن الريع، وما يحمل في ثناياه،من ممارسات ومسلكيات، تتعارض، مع المفاهيم، التي حملتها إلينا رياح الربيع الديمقراطي من جهة، وضختها في نفوسنا روح الدستور الجديد من جهة ثانية.
إذ افترضنا جدلا، أننا مع الإبقاء على اللائحة، والتموضع في موضع محامي الشيطان، فكيف سنضمن تكافئ الفرص، بين أعضاء شبيبات الأحزاب، وهنا يحضرنا بقوة مفهوم الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية، وكما نعلم جميعا، وكما لا يخفى على احد، فهذه العملة نادرة جدا، ويكفي البحث قليلا في تلابيبها، لنعاين عن كثب، مسرحيات الأحزاب رديئة الإخراج، والكيفية، التي يتم بها، تمهيد الطريق، لشباب أو أفراد دون غيرهم، نحو تنصيبهم على رأس الإطارات الموازية، حينها، قد يمسي مطلب إلغاء اللائحة الوطنية لشباب، مطلبا هامشيا، وسيصير مطلب إلغاء المنظمات، أو دمقرطتها بشكل عام، يجعل منها حقيقة إطارات قوية، همها الرئيسي مستقبل البلاد وواقع الشباب، وليس التطپيل والتهليل لزعمائهم، في مشهد يكاد ينطبق مع فرضية تأثيث المشهد الحزبي الشبابي بأفراد، همهم الوحيد، المكاسب الشخصية والمادية، وهذا ما يؤكد، أن جل الإطارات أفرغت من محتواها الحقيقي، الذي يحول دون ممارسة أدوارها الحقيقة، ولنا في شبيبة الاتحاد الاشتراكي، أيام الساسي،لا خير تجسيد لمفهومْ الشبيبة الحقيقة،وكيف كانت هذه الشبيبة، تثير رعب زعماء حزب بوعبيد والمهدي بن بركة، وهل يقوى اليوم، احد من أعضاء الشبيبات الحزبية، على معارضة زعمائه؟، وكيف له أن يعارض، صناعه، أو يلدغ اليد، التي تطعمهُ، وترهن مستقبله سياسي..
كنت امني النفس بالإبقاء على النقاش، حول إلغاء اللائحة الوطنية لشباب في دائرته، إلا أن بعض المتنمرين، يفسدون للود قضية، هذا المطلب، خرج للوجود، أولا، للأرضية التنظيمية لشبيبات الأحزاب، هذه الأرضية، التي فتحت وستفتح المجال لنقاشات عديدة، وعليه، يجب أن نفهم، آن التاريخ، يسجل مواقف الجميع، ومحكمته التي لا تعلو عليها محكمة، تنصف الجميع، وتعاقب المتخاذلين.
كيف لنا آن نستوعب فكرة، دفاع شباب اليوم، عن مظاهر الريع، فهذا لا يبشر بالخير، ومستقبل البلاد، في أياد غير أمنة، تبيح كل ما هو ممنوع، من اجل رفاهيتها الشخصية، فكيف لنا، أن نصحح مسار الإصلاح والدفع به قدما نحو الأمام،، إذ وقف، آو اقتنع الشباب المتحزب، بمسار يعارضه، كيف يتأتى لنا، أن نبني وطنا يسع الجميع، وسواعد أمته، يقفون في الصف المعارض، لكل وطن كذلك.
من كان يعتقد أن المسالة بسيطة بهذا الشكل، ولا ضريبة وراءها، فهو مخطئ وضال، وعليه، أن يعيد، تقويم عقارب ساعته على الزمن الجديد والعهد الجديد، وان مطالب الإصلاح الحقيقي، تتخذ شكل القنابل العنقودية، التي ستتفجر، أينما وجد الفساد السياسي الإداري، الاقتصادي، فمن كان يريد أن ينصب نفسه محام لشيطان، الذي مس جسد هذا الوطن، فعليه إن يتقي شر مؤمنين إذ توحدوا.
خاتمة
في الأخير، إلغاء اللائحة الوطنية لشباب، في مرمى الأحزاب السياسية، والحكومة، ولا يتعلق الأمر بالضرورة، بوازع أخلاقي، أو موقف مؤيد أو معارض للظاهرة، وإنما بكل بساطة، هي قضية بقوة القانون باطلة، وغير دستورية.
غياب الديمقراطية الداخلية بالأحزابْ، لا يبرر وحده، إلغاء هذه اللائحة، بما أننا ندرك جميعاً، أنها مجرد ريع سياسي، مغلف بمقاربة إدماج الشباب في الحياة السياسية، أو حتى تشبيب النخب السياسية، إذ أن هذه القرارات في مجملها، هي قرارات داخلية، تبدأ من داخل دهاليز الأحزاب، ولا يمكنها بشكل أو بأخر، أن تبرر وجود الريعْ باسم الشباب.
كما أن الشباب، وخصوصا المتحزب منه، مدعوا إلى العمل والنضال، من أجل إرساء ثقافة ديمقراطية داخل الأحزاب، بالعمل المستميت والمستمر، من أجل إرساء كذلك فكر التجديد النخبوي بالأحزاب، وتشبيبهاَ، وذلك لن يتأتى إلا إذ وعى وأدرك، هؤلاء الشباب، بالمسؤولية السياسية والأخلاقية الملقاة على عاتقهم اتجاه وطنهم، التي تقتضي الإيمان العميق، أن السياسة ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلةْ لخدمة المجتمع، والعمل على صيانة حقوق أفراده، بما يرقى بالمجتمع إلى مصاف الدول المتقدمة.
(1) مقال اللائحة الوطنية والمجلس الدستوري، عبد العزيز النويضي، منشور في عدة مواقع إلكترونية، هسبريس (السبت 13 فبراير 2016)، لكم (10  فبراير، 2016)

محمد لعبيدي







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.