خلال الاسبوع الماضي تزيى المهاجرون من بلدان أفريقية مختلفة بألبستهم المحلية ليحيوا المسيرة الخضراء، مسيرة جرارة جابت المدينة، ضمت قبائل وهم بذلك التقطوا الاشارة، وأرتأو أن يقاسموا ساكنة تيزنيت بتخليد الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء.
مهاجرون بتزنيت في قلب المسيرة
المهاجرون امتطوا حافلة كما فعل المغاربة ةكانوا يلوحون الراية المغربية في يد وأعلام بلدانهم في اليد الأخرى ومعها صور جلالة الملك، ولعى أرضية الشارع على طول المسيرة كانوا يجسدون مجموعة من الاشكال الممسرحة يصدرون صرخات الفرح يتواصلون مع عموم المتفرجينن يلتقطون صورا للذكرى هم الذين كانوا متوجسون من العدسات مخافة أن تلتقط وجوههم عند دخولهم إلى المدينة.
تحدث واحد منهم إلى الأحداث المغربية وكان منبهار وهو يعبر عن الكرم التيزنيتي الذي أنساهم رحلة معاناة طويلة بدأت من أوطانهم، قال إن مجموعة منهم تتمنى أن تستقر بهذه المدينة قانونيا أن تكون أسرا وتنصهر مع الساكنة لو توفرت الشروط القانونية وبعض ظروف العيش الكريم.
رغم المتبطات العديدة يستطيع المغرب أن يفخر بكونه أصبح بلد استقبال للمهاجرين الوافدين عليه بطرق قانونية، بل يتحمل عبء حتى الذين وفدوا عليه بطرق غير قانونية، كانوا يعتزمون أن يكون هذا البلد مجرد قنطرة للعبور نحو أوروربا ليجدوا فيه البيت الدافئ.
المهاجرون من أوروبا نحو المغرب موضوع آخر له اهميته، لكن في هذا الحيز ستكون لنا جولة بمناطق من سوس للتعرف على مهاجرين من دول أفريقية مختلفة وجدوا في ساكنة سوس كل الطيبوبة ليستقروا بين أهاليهم ويتصاهروا معهم، اقتنعوا بأن المغرب ليس مجرد قنطرة للمرور فتحول في نظرهم من معبر سري إلى موطن للاستقرار.
القصة بدأت بتزنيت مند حوالي ثلاثين يوما ، عندما تم ترحيل مئات المهاجرين على متن حافلات من الحدود الشمالية من المغرب نحو سوس خصوصا، تيزنيت استقبلت أربع حافلات من المهاجرين لينضافوا إلى الفوج الذي تم ترحيله مند شهور عند إخلاء غابة غورورغو فعاشوا في مؤسسات الإيواء قبل أن يغادروها للبحث عن معاشهم بعرق أكتافهم.
من التوجس إلى الاندماج
بدى بعض مهاجري دول جنوب الصحراء والسينغال ومورتانيا عنيفين في البداية وساد التوجس بينهم وبين ساكنة مدينة الفضة، بعد الترويج بأنهم قد يعتمدون أسلوب العنف للاقتصاص من الساكنة وأنهم قد يشكلون خطرا ويغتصبون النساء.
لكن لا شيئ من هذا وقع تبين للساكنة بالتدريج بأن صروف الزمان ساهمت في خروجهم من أوطانهم بحثا عن لقمة العيش، إلى جانب تسرخ وهم الوصول إلى فردوس العالم الأوربي التي تملكتهم قبل أن تنقشع بعض من خيوط شمس الحقيقة أمام أعين بعضهم وليس الجميع،، وجدوا في المغرب مال لم يجدوه في أرووبا التي نصبت الحواجز أمامهم ولم يستطيعوا بلوغ أراضيها، بل أصبح مهاجرون من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا يبحثون عن ظروف عمل وعن مشاريع استثمارية صغيرة بالمغرب.
بتزينت النموذج تبدد الخوف بالتدريج بين الوافدين الجدد على المدينة وبين الساكنة، فآوتهم وأطعمتهم، منحتهم الغذاء واللباس، والنقود رغم أنهم يعدون بالمئات، رغم ذلك شعروا بالفراغ، وبتأنيب الضمير كما يتحدثون للأحداث المغربية، وفي لحظة تواكل قاتلة تساءلوا فيما بينهم ماذا يمكن أن نقدم لهذه الساكنة الطيبة التي آوتنا، ألا نشعر بالخزي أن نكون عالة عليها، يكدح الرجال منهم ليطعمونا.
الحديث الطويل بين المهاجرين قاد إلى الحل، أن يكون رد الجميل بنفس المستوى، ومند 14 يوما استيقض أهل تيزنيت على على وقع المفاجأة، تفرق مئات المهاجرين على شكل مجموعات لكنس الشوارع وتقليم أشجارها، كل فريق يخضع لإمرة مسؤول متوافق عليه يصدر الأوامر والتعليمات.
صباح يوم الاثنين ما قبل الماضي اقتنى المهاجرون المكنسات وقاطع الاشجار وانتشروا بين الشوارع ينظفونها بشكل جذري، ويقلمون أشجارها، كما ينظفون حدائق المؤسسات العمومية، كما خصصوا يوما للمحكمة الابتدائية قاموا بتنظيفها من الحشائش الميتة وتهيئة أحواضها وتقليم أشجارها.ووفق برنامج المجموعة، كل شوارع وازقة المدينة ستطالها حملة النظافة التي ستستمر ماداموا متواجدين في ضيافة ساكنتها.
مبادرة المهاجرين من دول جنوب الصحراء ومن دول شقيقة أخرى مثل موريتانيا والسينغال قوبلت بالعرفان من الساكنة، احد المحسنين اقتنى لهم خيمة وأفرشة أسفنجية وأغطية، مع مبلغ مالي ليتدبروا المعاش، المواطنون يمرون عليهم ويجزلون العطاء وهم يشهادون شوارعهم تنظف بمبادرة من هؤلاء الضيوف، رؤساء المجموعات يتكلفون بتلقي المساعدات المادية والعينينة المباشرة، كما يساهمون في ضبط سلوك المجموعات إلى حد أنهم قاموا بالتبليغ عن بعضهم بخصوص ممارستهم القمار…حياة جديدة وعلاقات جديدة آخذة في الترسخ بتزنيت قد تنهي عهدا من سوء الفهم بين الطرفين.
أكادير من الانصهار إلى المصاهرة
من غينيا كوناكري جاء ألسيني دومبويا عمره 32 سنة دخل إلى أكادير بدعم من الدولة بعد حصوله على الباكلوريا ببلده شعبة العلوم الرياضية. مند سنة 2003 حل طالبا بكلية العلوم بابن زهر، فأنهى دراسته بحصوله على الإجازة في المعلوميات سنة 2010، كما طور معلوماته في مجال برمجيات الأنترنبت، تزوج بفتاة من أكادير، وأنجب طفلة ، حاليا يشتغل بصفة مؤقته في مجال البناء لتوفير “القوت الحلال” كما يقول لزوجته المريضة وطفلته التي تدرس بالتعليم الأولي. يرفض أن يتسول أو أن يقوم بأي عمل يدخل في مجال النصب كما أشيع عن بعض الفئات من الماهجرين العابرة نحو أوروبا.
مثل أي مواطن مغربي من سوس يكدح الغيني في مجال البناء، ويبحث بالمقابل عن عمل قار في مجال المعلومايات وبرمجيات الأنترنيت مجال تخصصه الذي حصل فيه على شهادة عليا. الحيدث مع ألسيني كان بالورشة حيث يشتغل بسوق الأحد بأكادير، كان على الفور انتهى من صلاة العصر، يؤكد أنه أحب المغرب بعدما قضى بأكادير 13 سنة، وعقد مصاهرته مع أهل البلد وأنجب طفلة ويتمنى أن يقضي بقية حياته بالمغرب.
من دولة النيجر ننقل تجربة مواطن آخر يشتغل بسوق الثلاثاء بمحل للمعلوميات فخبرته في مجال تقنيات الويب العميقة مكنته من إيجاد عمل بمحل خاص يقدم هذه الخدمات المتعددة للزبناء، تمكن من كسب ثقة مشغله فاستأمنه أغراضه، وأصبح اساسيا داخل هذا المحل الخدماتي. يؤكد أنه سيستقر بالمغرب إلى الابد بحكم العلاقات الطيبة التي تجمعه بمغاربة وبزملائه في السوق. خبرته وذهاؤه في مجال الويب وبرمجياته جعلته محط زبناء وبفضله استطاع استطاع صاحب المشروع أن ينمي مقاولته الناشئة.
إنزكان تجار أفريقيا
أصبحت إنزكان ملتقى تجاريا للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء ودول أخرى مجاورة يبعيون في الغالب الهواتف النقالة والحلي والذهون العلاجية عشرات المهاجرين اصطفوا بواجهة الطريق على مشارف السوق البلدي الجديد وسوق الثلاثاء مثل زملائهم المغاربة للبحث عن الرزق؟، إبراهيم واحد من هؤلاء قدم من السينغال مند ثلاث سنوات يكتري بيتا رفقة زميليه بألف درهما ببلدية القليعة يبيع الهواتف النقالة بإنزكان، أكد أن العلاقات المغربية السينغالية كانت دائما جيدة ومثلما أن هناك مهاجرين سينغاليين بإنزكان يعرف شخصيا زنقة بدكار خاصة بالتجار المغاربة.
أثار إبراهيم قضية أوراق الإقامة التي لا تمنح إلا للذين أمضوا بالمغرب خمس سنوات، بينما هناك نساء من بلده أمضين اقل من ذلك وسويت وضعيتهن. يعتبر ذلك تمييزا بين النساء والرجال الوافدون على المغرب. “نريد أن نندمج داخل المغرب لكن مشكل وثائق الإقامة تعرقلنا على مستوى العمل، وحتى على مستوى السكنى حيث يرفض الجميع أن يأوينا، هناك من يرغب أن يكتري محلات تجارية لكن المشكل القانوني حال دون تحقيق مسعاه” يؤكد هذا الشاب السينغالي. يتمنى أن تتم تسوية المشكل في أقرب وقت سيما أن المهاجرين يريدون المساهمة في تأمين قوتهم بشكل قانوني، كما يرغبون في المساهمة ولو بقسط يسير في تنمية هذا البلد الذي آواهم.
أزيد من اربعمائة تاجر من هذه البلدان، يشتغلون في التجارة، يتخذون من إنزكان مستقرا ، يتنقلون بين الأسواق والمواسم لإيصال بضاعتهم، تعرفوا بدورهم مثل سائر التجار على اسواق سوس وعاداتها وتقاليدها فأصبحون لا يخطؤون مناسبة دون أن يتواجدوا بها لترويج سلعهم.
مهاجر آخر بإنزكان من التشاد قذفت به الأوضاع الأمنية المتردية وضيق حال اسرته ليغادر بلده عبر مسار طرقي عسير تمنى أن يوصله إلى إسبانيا لكن شاءت الأقدار أن يتوقف بإنزكان حيث استقر رفقة بعض أبناء بلده، ال يخفي أنه يسعى لأن ينهي حالة التنقل هذه بالزواج والاستقرار، وإنجاب أطفال.
المهاجرون بإنزكان حصلوا على واجهة الشارع لا يخفون وجود مضايقات أمنية بسبب احتلال الممرات العمومية بين الفينة، لكن في العموم فهم ممتنون لهذا البلد الذي اضافهم فقرروا أن يكون خاتمة معاناتهم، عديد منهم يقومون بجلب الحلي والألبسة المحلية والذهون غعلى المغرب ، وينقلون إلى بلدهم الأحذية البلاستكية والبلاغي الجلدية وزيوت أركان ومستحضراته الغذائية والتجميلية، وخلال هذه الجولة كان اللقاء بتجار سينغاليين أحضروا السلع للتجار بواسطة سيارة لنقل البضائع بأثمنة رمزية يقومون بجولة على نقط تواجد أبناء بلدهم لتمكينهم من حاجياتهم من البضائع.
المهاجرون انخرطوا في قلب المجتمع السوسي لهم ممثلوهم المتحدثون باسمهم مع السلطات المحلية والأمنية يشاركون بطقوسهم المحلية في التظاهرات الوطنية مثل مهرجان بلماون بودماون، ويتمنون أن تقوم الدولة المغربية في إطار سياستها الجديدة تجاه بلدان أفريقيا فتعمل على إذماجهم ضمن النسيج الاجتماعي المغربي.
اشتوكة: يد عامل نشيطة من دول جنوب الصحراء
من إنزكان إلى اشتوكة أيت باها قلب الفلاحة بسوس كما بعموم المغرب، هناك اصبح أفارقة دول جنوب الصحراء يشكلون عصب الاقتصاد المحلي، استقروا هناك بالضيعات الفلاحية ليشتغلوا بالبيوت البلاستيكية في قطاع الخضروات ويعتمد عليهم المستثمرون ومنتجوا الطماطم بعد التوثر الكبير الذي عرفته العلاقة بين الباطرونا والنقابات التي شلت حركة التصدير، ودفعت كثيرا من المستثمرين إلى إغلاق ضيعاتهم.
مجموعة من المغاربة لم يعد العمل في القطاع الفلاحي كما في قطاع البناء يغريهم، فشغلته اليد العاملة المهاجرة من هذه الدول، رغم أن عديد منهم حاصل على شواهد تتراوح بين الباكلوريا والاجازة.
فااتوثر النقابي بالمدار الشقوي لأشتوكة أيت باها جعل المستثمرين يعتمدون هذه اليد العاملة غير المنقبة والتي رضيت بالأجر اليومي الذي منح لها.
مجموعة منهم أصبحوا مسؤولين بهذه الضيعات، وآخرون اندمجوا في بيئتهم الجديدة بعد زواجهم بعاملات زراعيات قادمات إلى المنطقة من مختلف المدن المغربية، فمزارع اشتوكة أيت بها تضم أزيد من 70 ألف مهاجرة ومهاجر 90 بالمائة منهم من داخل المغرب و آخرون من جنسيات مختلفة.
العلاقات بين سوس وبين هؤلاء المواطنين القادمين من موريتانيا والسينغال والنيجير والتشاد وبلدان أخرى عميقة وضاربة في الزمان، مند عصور سادت روابط اليين الإسلامي والمذهب المالكي فشكلت سوس ولازالت موطء قدم لطالبة العلوم الشرعية داخل المدارس العتيقة المنتشرة بمختلف مراكز وربي ومداشر سوس. كما أن فعل الخير من شيم الأهالي من خلال تقديم الطعام والإيواء والغذاء والملبس لطلبة العلم بدون استثناء ومن بينهم طلبة دول جنوب الصحراء بحكم بعدهم عن البلد الأم.
الأحداث المغربية : إنجاز إدريس النجار ومحمد بوطعام
تعليقات