لقد تحدت سوق الأسهم التوقعات بأداء قوي خلال النصف الأول من عام 2024، لكن هذا النجاح يطرح سؤالاً رئيسيًا للمستثمرين: هل هناك مجال لارتفاع الأسهم أكثر؟.
شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاع بنحو 15% خلال الأشهر الستة الأولى من العام، كما حقق مؤشر داو جونز الصناعي ارتفاع بنسبة 4% خلال تلك الفترة، بينما ارتفع مؤشر ناسداك الذي يعتمد على القطاع التكنولوجي بنسبة 18%، وقد عزا المحللون تلك المكاسب القوية إلى الحماس بشأن الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى النمو الاقتصادي المرن والتوقعات بتخفيض أسعار الفائدة.
لكن الخبراء توقعوا أن سوق تداول الأسهم من المرجح أن يكافح للحفاظ على نموه السريع خلال بقية العام مع ابتعاد المستثمرين عن الأسعار المرتفعة بشكل متزايد وعدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية وانتخابات نوفمبر، يقول أحد المحللين أن بداية هذا العام كانت رائعة للغاية، لكن عندما نتطلع إلى النصف الثاني نعتقد أن السوق في ذروة الشراء على المدي القصير.
على الرغم من إجهاد الأسواق المالية تحت وطأة أسعار الفائدة المرتفعة والتي تعد الأعلي في عقدين من الزمن، حافظ الاقتصاد الأمريكي على نمو قوي، وفي الوقت نفسه، ظلت مكاسب الوظائف في الولايات المتحدة قوية متجاوزة التوقعات والتي أدت إلى حدوث زيادات كبيرة في الأجور، ومع ذلك، توقف تقدم البنك الاحتياطي الفيدرالي عن مكافحة التضخم إلى حد كبير خلال هذا العام، حيث أشار إلى أن أي زيادة إضافية في أسعار الفائدة غير مرجحة، وتوقع بدلاً من ذلك خفضها مرة واحدة بحلول نهاية عام 2024، ولهذا رحبت الأسواق بحقيقة أننا من المرجح أن نشهد تخفيضات في أسعار الفائدة.
تزامنت هذه الاتجاهات الاقتصادية الأوسع مع زيادة شهية المستثمرين لشركات التكنولوجيا الرائدة في تبني الذكاء الاصطناعي، واستمدت مؤشرات الأسهم الرئيسية دفعة من المستثمرين المتفائلين بشأن الفوائد المحتملة لمنتجات مثل ChatGPT، تركزت هذه المكاسب في المقام الأول في حفنة من عمالقة التكنولوجيا والمعروفة باسم السبعة الرائعين وهم: Alphabet وAmazon وApple وMeta وMicrosoft وTesla وNvidia.
ارتفع سعر سهم شركة نيفادا Nvidia وهي الشركة المصنعة للعديد من رقائق الكمبيوتر التي تدفع تقدم الذكاء الاصطناعي بنحو 150% منذ بداية عام 2024، وشهدت Microsoft التي تمتلك حصة كبيرة في شركة OpenAI وهي الشركة المصنعة لـ ChatGPT، ارتفاع أسهمها بأكثر من 20% هذا العام.
في ضوء هذا الأداء المذهل في بداية هذا العام، حذر الخبراء من أن سوق الأسهم من المرجح أن يكافح للحفاظ على تلك العائدات، وعلى مستوى أساسي، قال المحللون إن ارتفاع أسعار الأسهم الذي يعود إلى العام الماضي سيصل في النهاية إلى نقطة يصبح فيها المتداولون مترددين في ضخ الأموال بسعر مرتفع، لهذا يجب أن يكون هناك زر لإعادة ضبط ظروف الشراء المفرطة.
علاوة على ذلك، تواجه الاتجاهات الإيجابية في الاقتصاد عددًا من التهديدات، وأبرزها أن المزيج المستمر من أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم العنيد قد يثقل كاهل أرباح الشركات ويستنفد صبر المستثمرين، كما أن عدم اليقين الاقتصادي يتفاقم بسبب مجموعة واسعة من النتائج المحتملة في انتخابات نوفمبر، حيث من المتوقع أن تكون تلك الانتخابات الامريكية متغيرًا جامحًا، فهناك الكثير من عدم اليقين فيما يحدث والسوق لا تزال تحاول تسعير ذلك.
بينما يتوقع بعض خبراء سوق الأسهم نموًا في السوق خلال بقية العام، لكنهم يعتقدون أن الوتيرة ستكون أقل من الارتفاع الذي شهدناه خلال النصف الأول، ويري أخرون أن سوق الأسهم قد ترتفع قليلاً بحلول نهاية العام لكن الشركات ستصمد في بيئة أكثر تحديًا، فلا يزال هناك خطر من أن المعركة مع البنك الاحتياطي الفيدرالي لم تنته بعد، ومع ذلك، يروا أننا ما زلنا في اتجاه صعودي طويل الأجل.
ما هي محركات سوق الأسهم في النصف الأول من العام؟
مثل الكثير من عام 2023 كان هناك محرك كبير وراء تلك المكاسب الرائعة وهو الذكاء الاصطناعي، لقد تركزت أغلب مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 فى أسماء التكنولوجيا السبعة الرائعة، بينما تخلفت الأسهم الأخري عن الركب.
تقدمت أسهم شركة نفيديا (NVDA) وهي الشركة الرائدة في المجموعة إلى الأمام بشكل أكبر، حيث ارتفعت أسهم شركة صناعة الرقائق بنحو 150% منذ بداية العام، وتجاوزت قيمتها 3 تريليون دولار للمرة الأولي فى شهر يونيو.
ساهم ذلك فى دفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلي أعلي مستوي قياسى للإغلاق عند 31 هذا العام، علي الرغم من أن بيانات التضخم الساخنة تعرقل توقعات المستثمرين بشأن متى وكم مرة سيخفض البنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
فى بداية هذا العام، توقع خبراء وول ستريت أن يخفض البنك الاحتياطى الفيدرالى سعر الفائدة ست مرات فى عام 2024، لكن سيل البيانات التى تُظهر تضخمًا ثابتًا أجبر المستثمرين علي تهدئة هذه التوقعات، وحتي الآن لم يخفض البنك الاحتياطي أسعار الفائدة بعد من أعلي مستوياتها الحالية فى 23 عام.
الآن، يتوقع المستثمرون أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين بحلول نهاية العام، على الرغم من أن البنك الاحتياطي لم يتوقع سوى مرة واحدة، حيث أعطت البيانات الجديدة التي صدرت يوم الجمعة (28 يونيو) الأمل للمتداولين فى أن التضخم يسير نحو مسار هبوطى مرة أخري، فقد تباطأ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصى خلال شهر مايو وهو مقياس التضخم المفضل للبنك الاحتياطى الفيدرالى إلي 2.6% على أساس سنوي، ليبقي مقياس التضخم دون تغيير عن شهر أبريل، وهي المرة الأولي التى ظل فيها ثابتًا علي أساس شهرى منذ نوفمبر.
هل يمكن أن يستمر زخم ارتفاع الأسهم؟
من الممكن أن يستمر الزخم الصعودي للأسهم طالما أن بقية السوق بدأت في التقاط أنفاسها، فعلى الرغم من أن المؤشرات مثل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ومؤشر ناسداك استمرت فى تسجيل أعلى مستوياتها التاريخية علي أساس ثابت إلى حد ما، إلا إنها قد شهدت المزيد من التراجعات حيث أن نسبة أقل من الشركات هي التي تسير في اتجاه صاعد وتشارك فى أعلي مستوياتها التاريخية الجديدة، هذا النوع من التباعد، إذا استمر حتي النصف الثانى من العام،
سيكون علامة أكثر إثارة للقلق لأنه سيبدأ في تقليد ما حدث فى عام 2021 بشكل مخيف فى النصف الثانى من العام، حيث كانت لا تزال تتعافي من سوق هبوطية، كما أنها كانت تتعافي أيضًا من الركود فى عام 2020.
ما هي عوامل الخطر التي قد تؤثر على ارتفاع الأسهم؟
الأول سيكون بالتأكيد أى تباعد مستمر فى اتساع السوق، ومع ذلك، فإن العامل الثاني سيكون إذا رأينا لسبب ما تباطؤًا أكثر حدة فى سوق العمل، الأمر الذي قد يدفع البنك الاحتياطي الفيدرالي إلي بدء دورة خفض عدوانية.
تختلف جميع دورات البنك الاحتياطي الفيدرالي، ولكن الشيء الوحيد الذي يكون أكثر اتساقًا هو عندما تبدأ في النظر إلى وتيرة الخفض في ما يسمى دورات الخفض السريع، عندما يقومون بخفض أسعار الفائدة ربما بأكثر من 25 نقطة أساس لكل اجتماع أو في كل اجتماع، فإن هذا يميل إلى أن يكون أكثر اتساقًا مع الركود والضعف في السوق، وعلى العكس من ذلك، فإن دورة التخفيض البطيء (حيث يقومون بالتخفيض ربما عدة مرات خلال عام) تميل إلى أن تكون أكثر دعمًا لسوق الأسهم.
خمس اتجاهات لسوق الأسهم الصناعية في النصف الأول من العام
كان عام 2022 هو أكثر أسواق الأسهم هبوطًا منذ حدث “البجعة السوداء” الناجم عن فيروس كورونا المستجد الذي ابتلي وول ستريت، ومع ذلك، منذ ذلك الحين، عادت الأسهم إلى الارتفاع وأظهرت مرونة وقوة سوق الأسهم الأمريكية على المدى الطويل.
بعد اكتساب الأسعار زخمًا في عام 2023 ارتفع مؤشر ناسداك ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة تزيد عن 15% وسجلا مؤخرًا أعلى مستوياتهما على الإطلاق، ومع ذلك، فإن أداء المؤشرات الرئيسية لا يرسم الصورة الكاملة لوول ستريت.
فبسبب أسعار الفائدة المرتفعة للغاية والثورة التكنولوجية الجديدة وعوامل الاقتصاد الكلي الأخرى فإن أداء الأسهم منقسم، ويشبه سوق عام 2024 “سوق اختيار الأسهم” الكلاسيكية، فيما يلي خمسة من أهم اتجاهات الصناعة في النصف الأول من عام 2024.
1 .ثورة الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات
كان الذكاء الاصطناعي أو AI ذات يوم فكرة غامضة بدت وكأنها حلم بعيد المنال، ومع ذلك، فإن الإطلاق الناجح للغاية لبرنامج ChatGPT في نوفمبر 2022 نقل الذكاء الاصطناعي من فكرة إلى منتج وإلى الوعي العام (ChatGpt هو أسرع تطبيق استهلاكي نموًا في التاريخ)، ومع ذلك، فإن عام 2024 يثبت أنه عام الظهور الحقيقي، فلا يحتاج المستثمرون إلى النظر إلى ما هو أبعد من عملاق أشباه الموصلات Nvidia (NVDA) للحصول على دليل على ثورة الذكاء الاصطناعي.
2 .المرافق: تدعم ثورة الذكاء الاصطناعي
تعتبر المرافق تقليديًا استثمارات ملاذ آمن بسبب أرباحها الثابتة وأرباحها وغياب التقلبات، ومع ذلك، فإن الهوس ببناء نماذج لغوية كبيرة (LLMs) لتشغيل روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي مثل ChatGpt أو Gemini من Google قد أشعل سوقًا صاعدة جديدة في هذه الأسماء، يتطلب الذكاء الاصطناعي مراكز البيانات للعمل، الأمر الذي يتطلب شهية هائلة للطاقة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، سيتضاعف استخدام طاقة مراكز البيانات بحلول عام 2026، وقد تجاوزت شركة NRG Energy (NRG) وهي شركة توريد كهرباء مقرها تكساس متوسطها المتحرك لمدة 10 أسابيع في الأمد المتوسط وتضاعفت أكثر من الضعف خلال العام الماضي.
3 .استفادت عملة البيتكوين من إطلاق صندوق الاستثمار المتداول
تعد عملة البيتكوين (أكبر عملة مشفرة في العالم) من الأصول الأعلى أداءً على مدار السنوات العشر الماضية وحققت عائدًا سنويًا مذهلاً يتجاوز 100%، تتفوق عملة البيتكوين مرة أخرى على فئات الأصول الأخرى بعد إطلاق صندوق الاستثمار المتداول iShares Bitcoin Trust (IBIT) وهو أنجح صندوق استثمار متداول في التاريخ.
4 .المعادن: تحوط ضد التضخم
حقق الذهب والفضة نجاحًا كبيرًا في عام 2024 بعد عدة سنوات من ركود حركة الأسعار وخيبتها، ارتفع صندوق iShares Silver Trust (SLV) بنحو 25% في عام 2024 حيث يسعى المستثمرون إلى ملاذ آمن من الاتجاهات التضخمية العنيدة.
5 .شركات التكنولوجيا الكبرى
أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى هجرة من المناطق الحساسة لأسعار الفائدة في السوق مثل مؤشر راسل 2000 للشركات الصغيرة، نتيجة لذلك، استفادت أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة مثل Apple (AAPL) من مشاركة المستثمرين وعمليات إعادة شراء الأسهم الضخمة، ومع ذلك، مع انخفاض الأسعار في الأفق قد تدور الأموال مرة أخرى إلى أسهم الشركات ذات القيمة السوقية المنخفضة في النصف الثاني من العام.
تعليقات