بالمرور عبر شارع الحسن الثاني و عند تجاوز مفترق الطرق بالمدارة القريبة من السوق البلدي التي تتوسط مدينة تيزنيت و كأنك تتجه لطريق أكلو، تثير انتباهك فضاء بجانب المستوقف السابق لحافلات النقل الحضري ،يُعتبر محجّا لتجمّع مجموعة من المسنين و المتقاعدين الذين يعملون على قضاء أوقات فراغهم بلعب «الضامة»، هذه اللعبة التي لا تتطلب سوى رسم مستطيل صغير على الأرض وبضع أحجار بلوْنين مختلفيْن.
و يلجأ عديد من كبار السن، والمتقاعدين بمختلف القطاعات إلى هذا الفضاء لتمضية أوقاتهم،من بعد صلاة العصر حتى يعلن آذان المغرب نهايتها، لينسحب الجميع، ببطء من المجموعة، ويتوجهون، مباشرة، صوب المسجد للصلاة.
و تدور لعبة «الضامة» بين خصمين على أحدهما أن “يلتهم” أحجار الآخر، والمنتصر هو من تبقى أحجاره سالمة فوق رقعة اللعب، و تستقطب هذه اللعبة، بضجيجها، المارة قصد التفرج، لتتحول إلى شبه حلقات تصل في بعض الأحيات لــ 12 مجموعة حيث تعلو أصوات أفرادها حيناً وتخفت أحياناً لمصلحة التخطيط وتنظيم النقلات في رقعات تُرسم على الأرض و تُلعب بأغطية قنينات المياه الغازية و بقايا السجائر و الفواكه وأشياء أخرى.
ولا ينضّم اللاعبون الجدد مباشرة إلى رقعة اللعب، إذ يبدأ الأمر بالوقوف إلى جانب اللاعبين الأساس ومراقبتهم إلى حين تلقي الدعوة إلى اتخاذ موقع على أحد طرفي الرقعة لتبدأ المنافسة والتحدي بين الحاضرين.
و تعاني شريحة عريضة من المتقاعدين وكبار السن بمدينة الفضة مشكلات اجتماعية ونفسية و اقتصادية أيضاً، حيث لا يجدون في الغالب فضاءات أو أندية لممارسة هوايتهم، أو فرصاً لإفادة الأجيال الشابة بتجاربهم الحياتية، وهو ما يدفعهم إلى الانغماس في لعب «الضامة» بشكل كبير، باعتبارها لعبة تتطلب نوعاً من الذكاء والتركيز والتخطيط أيضاً، وهو ما يسهم في بقاء ذكائهم وذهنهم متقداً ونشطاً.
و بالصدفة وأثناء انجازنا لهذا الربورطاج،تفاجأ طاقم”تيزبريس”،باللاعب الدولي السابق صلاح الدين بصير، ضمن المتفرجين في احدى حلقات اللعب و قد أظهر اهتماما كبيرا و هو يشاهد اللاعبين بحماسة و انفعال .
وقد علمنا،أن بصير، يرتاد هذا الفضاء بين الفينة و الاخرى،للمشاركة في لعب جولة أو جولتين أو ما يُطلق عليه أهل الاختصاص بــ ” طْرْحْ” من هذه اللعبة التي لم تعطى لها الأهمية بالمدينة من طرف الجمعيات، عكس مدن آخرى كالدار البضياء و المحمدية و فاس التي تنظم فيها دوريات و طنية ، خصوصا و أن «الضامة» لعبة لا تتطلب أي إمكانيات أو معدات، و مصاريفها صفر درهم، وفوائدها على النفوس ومتعتها لا تقدّر بثمن.
تعليقات