رأينا في الحلقات السابقة لهذا الملسل أن ضابط الأمن (م.ت) لم يقف مكتوف الأيدي ويرهن مداخيله بالتي فارقته لسنتين، فقد بادر إلى أخذ زمام القيادة والإشراف الفعلي على عملياته دونما حاجة إلى رفيقته السابقة، التي احترفت لدى المضيف والفريق الجديد الذي اعترف بقيمتها ولم يبخسها حقها. ورغم تعدد الأطراف المستفيدة من الغنائم إلا أن الجميع كان راضيا على ذلك مادام كل عنصر يتلقى حصته منها بشكل عادل (الصورة مركبة). وهذا ما أضفى الحماس على (ك) للعمل بفعالية ونجاعة وسرعة ما دامت الأدوار موزعة ومعروفة ومتكاملة بشكل علمي محسوب يتمثل في: الملاحظة والتجريب واستخلاص النتائج. فأما الملاحظة وجمع المعطيات فهو من تخصص (ص.أ) الذي يعاين ويصف الضحية من حيث حالته المادية ووضعيته الاجتماعية واستعداده النفسي وقابليته للاستدراج ومستوى تطبيعه مع الفساد…بينما تقوم (ك) بالمناولات اللازمة لحصول التفاعلات المطلوبة وتحقيق النتائج المرجوة التي يستخلصها كل من (ي.ب) و (ب.أ) ليقتسموها فيما بينهم قصد الاستفادة وتوسيع مواردهم المالية. منهج تجريبي يجعل ممارسة الفعل الإجرامي ميسرا. ونتائجه تجعلك ميسورا.
سبعة أيام كانت كافية إذنا ـ وعامل الزمن جزء من التجربة ـ حسب ما أوردته مصادر تيزبريس لجر مشتعل رأسه شيبا إلى الشرك، بعد أن توافرت جميع الظروف ووضعت النقط على الحروف وجلب من الأدوات والوسائل ما هو معروف: سيارات وأصفاد وهواتف شرطة، قام كل من (ص.أ) و (ب.أ) في صبيحة يوم صحو بنقل (ك.ت) إلى حيث يقع المختبر أي الضحية المتصف بعشقه للجميلات لتجرب فيه سحرها وخلطاتها، روائح عطرة ومشية مترنحة متبخترة لم تترك الهدف يتردد في التوجه إليها لمعاكستها والتحرش بها، هو إذن إطلاق لغزال أمام فهد جائع، انقض عليها الرجل طالبا المصاحبة والرفقة، وتمنعت (ك) ابتداء تثبيتا له وتمويه، وبعد أخذ ورد أقلها بسيارته، فيما بقي المراقب العام (ي.ب) في سيارته الشخصية والعضوان المرافقان للنادلة في سيارتهما، ليتجها رأسا إلى باحة استراحة بطريق كلميم خارج المدار الحضري، لارتشاف كأس قهوة وإظهار التغنج ورفع الصوت بالقهقهات الواهية ولم يكن العشيقان بعيدان عن نطاق متابعة باقي أفراد العصابة ولم يخرجوا عن مرمى أعينهم. ولما تهيج الرجل هاتف سيدة وأخبرها أنه وكما هو ديدنه سيتقدم إلى منزلها الذي تتخذه وكرا للدعارة لمضاجعة فتاته، غير أن السيدة اعتذرت بوجود أقارب لها داخل البيت، ولما تبين للمتربصين بعد طول انتظار إلى وقت الهاجرة وغدت عصافير بطنهم تزقزق أن المتقاعد سيقعدهم في سيارتهم وستمطط خطتهم، ارتأووا التدخل في حينه ومباشرة التنفيذ، فداهم حارس الأمن (ي.ب) والشرطي المزيف (ب.أ) سيارة الضحية وبجانبه (ك) وخيروه كما العادة بين الصفد والنقد، فاختار الرجل العمولة التي فكته بسهولة رغم أنه لم يقض أغراضه المأمولة، وصرفهما عنه بسلام، وأوصل المسن (ك) إلى المدينة لتجد حلاوتها في انتظارها بين أحضان شركائها.
وبينت مصادر مقربة من تيزبريس أنه لم يكن لدى (ي.ب) سوى عدم الاعتراف بكل التهم التي أجمع شركاؤه على القيام بها في غياب أدلة واضحة وحجج دامغة وهو المتمرس في سلك الشرطة مع زميله (م.ت) الحريصان على عدم ترك أية دلائل مادية تحيل عليهم.
وبناء على معطيات حصلت عليها تيزبريس فإن (ب.أ) قد استعار الأغلال وهواتف الشرطة من مقتنيها وصاحبها (م.ت) الذي كان عالما بالعملية غير أنه ليس له فيها نصيب، وهنا يظهر عودة التقارب غير المباشر بين الثنائي السباق إلى هذا النوع من العمليات، فهل سيحصل اللقاء من جديد؟ ذلك ما سنتعرف عليه في الحلقة القادمة.