الخميس 14 نوفمبر 2024| آخر تحديث 11:27 11/10



ويسألونك عن الفساد … معركتنا أكبر مما نظن

عبد الله القسطلاني *

معركتنا ضد الفساد أكبر كثيرا مما نظن، لأن المستفيدين من هذا الوضع الغير الطبيعي لن يسمحوا بتغيير المياه التي يسبحون فيها، بل يقاومون للمحافظة عليها ملوثة، وكل إجراء ضمن عملية الاصلاح يحسبونه صيحة عليهم، مما يفيد أن مصالهم المبنية على وضع فاسد آيلة إلى الزوال، إذ لا يكاد الشعب يصدق أن الربيع الديمقراطي جاء للمغرب والمغاربة بوضع,,,

جديد، سيكونون فيه من حيث العيش وقضاء أغراضهم الادارية ومشاركتهم في الحياة السياسية والمدنية أفضل بكثير مما مضى، إلا أن مناهضي الاصلاح طبقوا ما أملته عليهم النعامة، بوضع الرأس في الرمال إلى حين مرور العاصفة، ليظهروا من جديد مستفيدين من إيجابيات الربيع الديمقراطي . إن مشكلنا بالاساس كشعب مع هؤلاء الذين لا يحترمون إرادة الشعب ويريدون أن ينالوا من حريته وكرامته بالدوس على حقوقه  وثرواته، وهم كثر يتلونون كالحرباء، وهوما يجعل مهمة محاربتهم شاقة وصعبة، وهذا لا يجب أن يكون مبررا للتقاعس أو الانهزام أمام  هؤلاء، وعلى الرغم من ان المهمة صعبة فعلينا جميعا ان نسير قدما لتشديد الخناق على هؤلاء وسنصل بإذن الله وإرادة المخلصين جميعا، وهنا أستحضر خبرا نشرته إحدى الصحف الدولية على أن الرئيس الهندي في خطابه سرد منجزات فترة حكمه وفي ختام كلمته قال بالحرف ” إن الفساد استشرى بدرجة اكبر في حياة الهند اليومية ، مثله في ذلك مثل موجات العنف التي تسود الهند من وقت لأخر، إضافة إلى أن قيم التسامح التي كنا نقدسها ، وكانت تسمح بالتعددية والتنوع، قد تقلصت في مجتمعنا إلى درجة تنذر بالخطر ” ، وبهذا الخطاب الواقعي الذي مارس فيه الرئيس الهندي نقدا ذاتيا معلنا ذلك للملأ،  كبر في نظر الشعب كما أن الشعب عرف حقيقة المشكلة ليكون مستعدا للمساهمة في علاج أسبابها، إن هذا الاسلوب كبر به الرئيس وكبرت معه البلاد ولم يصغر اي منهما، لأنه تكلم بما يشعر به المواطنون، فكسب ثقتهم فضلا عن احترامهم له ولاختياراته، لكن عندنا نحن لماذا لا نقوى على قول الحقيقة ؟ أو نخشى من ذلك ؟ إذا ثمة أمر مضمر عند الساسة أو المسؤولين عن الشأن العام  لا يريدون من الشعب معرفته، وطال الزمان أم قصر سيعرفه الشعب وسيلعن من ساهم في إخفاء الحقيقة، وبالمناسبة لماذا لا نقوى على تحمل كل ما يمكن أن ينتج عن فضح الفساد مع التزام القانون في ذلك بطبيعة الحال ؟ ، لا بد لنا من أن نؤسس لواقع جديد تحترم فيه الارادات والحقوق، لكن فوق هذا وذاك لابد من احترام القانون أولا وأخيرا، ولنعطي مثالا عن واقعنا فحادث وزير المالية في الحكومة السابقة الذي يظهر حسب المعلومات أنه تلقى مالا دون موجب قانون، هل يخشى وزير العدل عند تطبيق القانون من أن يقال أنه يمارس الشعبوية أو تصفية الحسابات السياسية مع خصوم سياسيين ؟ أم أن رئيس الحكومة تلقى إشارات من جهة ما بعدم الخوض في الموضوع، وتقزيمه بمتابعة من ساهم في تنوير الرأي العام بحصول وزير المالية على مبالغ مالية خارج القانون، مع علمنا بأن رئيس الحكومة المسؤول الاول عن تدبير الشأن العام وفق الدستور وأن الشعب سيحاسبه على هكذا ملفات ومثيلاتها، هذا عن رئيس الحكومة أما عن وزير المالية السابق هل تكون له الشجاعة الكافية لإرجاع المبالغ المالية للخزينة ليكبر في نظرالشعب ويكون مساهما في إصلاح الوضع، أما إن كان يعتقد أنه لم يأخذ درهما واحدا إلا وفق ما ينص عليه القانون، فعلينا أن ننتظر رأي القضاء في الموضوع وما على وزير العدل إلا التعجيل بتحريك المسطرة لإظهار الحقيقة، وإغلاق هذا الملف نهائيا. وعلينا أن نعلم أن ثقة الشعب بهذا تكون في الحاضر والمستقبل ويكون هو الحارس الامين لكل المكتسبات التي حققناها جميعا و في هذه التربة يضيق الخناق على الفساد والمفسدين أما القضاء عليهم نهائيا فمن المستحيل، لأنه في اي عصر وفي أي مجتمع لابد أن فيه  صالحون وفاسدون.  

* كاتب صحفي