نادية أولاد حمو*
وطني لو شغلت بالخلد عنه *** نازعتني إليه في الخلد نفسي.
أعز المتمنيات على قلب الإنسان أن تظل يد العافية تحنو عليه و تظلله من غمامة المرض, هذا الكابوس الذي إذا أطل على أحد غير مجرى حياته و جعل نظرته للحياة يشوبها الكثير من الخوف و الترقب تضيع خلالهما تلك البقع البيضاء داخل ذلك السواد الممتد. غير أنه ما يلبث – كما العنقاء- يلملم جراحه و يستجمع قواه المنهارة محاولا أن يجابه شبح المرض بطاقة أخرى نقيضة للمعنى الأول و معادلة للحياة. إنها التداوي و الاستشفاء.
و حيث أن مكان التداوي هو المشافي و وسيلته الأطباء و الممرضين… يصبح أمل المريض معلقا بهذه المنظومة الصحية التي تعتبر حيوية في كل مجتمع يحترم إنسانية الإنسان و يقدس معنى الحياة. فهل مشافينا قادرة على مساعدة المريض من أجل استعادة صحته و منحه حياة جديدة يستطيع من خلالها أن ينخرط في هذا المجتمع الذي ينتمي إليه و يفعل فيه بما يحقق له النمو و الرقي؟
إن طرحي لهذا السؤال لا يروم البحث عن الإجابة – لأنها معروفة سلفا لكل المغاربة و على امتداد رقعة هذا الوطن- بقدر ما يتغيى ملامسة بعضا من المعاناة التي أصبحت تلاحق مرضانا و عائلاتهم بل و كل من قدر له أن يزور –مكرها- أحد مشافينا. و الغريب أن هذه المعاناة تتفاقم يوما بعد يوم حتى بعد ريح الصبا التي شممنا فيها عبق التغيير فانتشينا لذلك. فأي حديث إذن عن التغيير و التطور و الطرف الأساسي في صنعهما, الإنسان المغربي, سلامته الصحية مهددة و أمله في الشفاء شبه مستحيل.بل و أي تأسيس لمجتمع ديمقراطي حداثي متنور يراهن على التقدم و مستشفياتنا عوض أن تمنح الصحة و العافية تنتج ما يسمى بفوبيا المشافي.
وغير خفي أن صعوبة الولوج إلى هذا القطاع يتشابك فيها ما هو لوجيستيكي بما هو تنظيمي بما هو أخلاقي بما هو سياسي, بشكل يزيد من تأزيم الوضع وتعقيده فيصبح المريض تبعا لذلك عرضة للهواجس والمخاوف. الخوف من:
– تفشي المحسوبية و الرشوة.
– سوء التشخيص و تسرعه.
-اهتراء الأجهزة وانعدامها أحيانا.
-المماطلة و التسويف.
-الأخطاء الطبية في غياب ضمانات تنصف المريض تحت مسمى ‘ هامش الخطأ ‘.
-المكان نفسه ( بعض مستشفياتنا أشبه على مستوى بنائها و ألوان جدرانها… بالمعتقلات ).
-التعامل اللانساني من طرف بعض الأطباء و الممرضين.
-انتشار مشاكل متعلقة بالتعقيم و النظافة.
.قلة الأطر الطبية ونذرة بعض التخصصات… ….
على هذٌا النحو إذن انحرف لفظ المشفى عن معناه الطبيعي, أي طلب التداوي و الأمل في الحياة, ليصبح معادلا موضوعيا للخوف و اليأس والمعاناة و الموت. فإلى متى سيظل الإنسان في وطننا مطية لأهواء المسؤولين و هل حان الوقت لكي نعرف أن الرأسمال الحقيقي الذي ينبغي أن نراهن عليه هو هذا الإنسان المغربي المنخور حتى الوجع.
* أستاذة اللغة العربية بالثانوي التأهيلي.